للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله سبحانه: ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ، واختلف في نَصْبِها فقيل: على البدل من «مَا» في قوله: كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ، وقيل: على الحال، وقيل: على البدل من قوله: حَمُولَةً وَفَرْشاً، وهذا أصوب الأقوال، وأجراها على «١» معنى الآيةِ، والزَّوْج: الذكر، والزَّوْج الأنثى، فكل واحدٍ منهما زَوْجُ صاحبِهِ، وهي أربعة أنواعٍ فتجيء ثمانية أزواجٍ، والضَّأْن:

جمع ضَائِنَة وضَائِن.

وقوله سبحانه: قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ، هذا تقسيمٌ على الكفَّار حتى يتبيَّن كذبهم على اللَّه، أي: لا بد أن يكون حَرَّم الذكَرَيْن فيلزمكم تحريمُ جميعِ الذُّكور، أو الأنثيين فيلزمكم تحريمُ جميع الإناث، أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ، فيلزمكم تحريمُ الجميعِ، وأنتم لم تلتزموا شيئاً يوجبه هذا التقسيمُ، وفي هذه السؤالاتِ تقريعٌ وتوبيخٌ، ثم أتْبَعَ تقريعَهُم بقوله: نَبِّئُونِي، أي: أخبروني بِعِلْمٍ، أي: من جهة نبوَّة أو كتابٍ من كتب الله إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ، وإِنْ شرطٌ، وجوابه في نَبِّئُونِي.

وقوله سبحانه: وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْبَقَرِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ ... الآية:

القولُ في هذه الآية في المعنى وترتيبِ التقسيمِ كما تقدَّم، فكأنه قال: أنتم الذين تدَّعون أن اللَّه حرم خصائصَ مِنْ هذه الأنعام لا يَخْلُو تحريمه مِنْ أن يكون في الذَّكَرَيْن أو في الأُنْثَيَيْن، أو فيما اشتملت عليه أرحامُ الأنثيين، لكنه لم يُحَرِّم لا هذا ولا هذا ولا هذا فلم يَبْقَ إلا أنه لم يَقَعْ تحريمٌ، قال الفَخْر «٢» : والصحيحُ عندي أن هذه الآية لم ترد على سبيل الاستدلال على بطلان قولهم، بل هي استفهام على سبيل الإنكار، وحاصلُ الكلام: أنكم لا تعترفُون بنبوَّة أحد من الأنبياء، فكيف تثبتون هذه الأحكام المختلفة. انتهى.

وقوله سبحانه: أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللَّهُ بِهذا: استفهامٌ على سبيل التوبيخ، وشُهَداءَ: جمعُ شهيدٍ، وباقي الآية بيِّن.

وقوله تعالى: قُلْ لآ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً ... الآية: هذه الآيةُ نزلَتْ بمكَّة، ولم يكن في الشريعة في ذلك الوقْتِ شيء محرّم


(١) في أ: علي.
(٢) ينظر: «تفسير الرازي» (١٣/ ١٧٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>