للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد جاء الهدى بمعنى الإِلهام من ذلك قوله تعالى: أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى [طه: ٥٠] .

قال المفسِّرون: ألهم الحيواناتِ كلَّها إِلى منافعها.

وقد جاء الهدى بمعنى البيان من ذلك قوله تعالى: وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ [فصلت: ١٧] قال المفسِّرون: معناه: بيَّنَّا لهم.

قال أبو المعالي «١» : معناه: دعوناهُمْ، وقوله تعالى: إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى [الليل: ١٢] ، أي: علينا أنْ نبيِّن.

وفي هذا كله معنى الإِرشاد.

قال أبو المعالي: وقد ترد الهدايةُ، والمراد بها إِرشاد المؤمنين إِلى مسالك الجِنَانِ والطرقِ المفضيةِ إِلَيْهَا كقوله تعالى في صفة المجاهدين: فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ [محمد: ٤- ٥] ومنه قوله تعالى: فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ [الصافات: ٢٣] ، معناه: فاسلكوهم إِليها.

قال ع «٢» : وهذه الهدايةُ بعينها هي التي تقال في طرق الدنيا، وهي ضدُّ الضلالِ، وهي الواقعة في قوله تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ على صحيح التأويلات، وذلك بيِّن من لفظ «الصِّرَاط» والصراط في اللغة: الطريقُ الواضِحُ ومن ذلك قول جَرِيرٍ «٣» : [الوافر]

أَمِيرُ المُؤْمِنيِنَ على صِرَاطٍ ... إِذَا اعوج المَوَارِدُ مستقيم «٤»


(١) ينظر: «الإرشاد» ص (١٩٠) ، و «المحرر الوجيز» (١/ ٧٣) .
(٢) ينظر: «المحرر الوجيز» (١/ ٧٣) .
(٣) جرير بن عطية بن حذيفة الخطفى بن بدر الكلبي، اليربوعي، من تميم أشعر أهل عصره، ولد سنة (٢٨) هـ. ومات سنة ١١٠ هـ. في «اليمامة» . وعاش عمره كله يناضل شعراء زمنه ويساجلهم، وكان هجاءا مرّا، فلم يثبت أمامه غير الفرزدق والأخطل، وكان عفيفا، وهو من أغزل الناس شعرا.
ينظر: «الأعلام» (٢/ ١٩) ، «وفيات الأعيان» (١/ ١٠٢) ، «الشعر والشعراء» (١٧٩) ، و «خزانة الأدب» (١/ ٣٦) . [.....]
(٤) البيت في مدح هشام بن عبد الملك، ينظر: ديوانه (٥٠٧) ، «شرح الديوان» لمحمد بن حبيب (١/ ٢١٨) ، «المحتسب» (١/ ٤٣) ، «مجاز القرآن» (١/ ٢٤) ، «تفسير الطبري» (١/ ٥٦) ، «تفسير القرطبي» (١/ ١٠٣) ، «اللسان» (سرط) ، «الجمهرة» (٢/ ٣٣٠) ، «الدر المصون» (١/ ٧٨) .
والموارد: الطرق، واحدها موردة.

<<  <  ج: ص:  >  >>