للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

داع به إنما يريد الصراط بكماله في أقواله، وأفعاله، ومعتقداته واختلف في المشار إِليهم بأنه سبحانه أنعم عليهم، وقول ابن عبَّاس، وجمهور من المفسِّرين: أنه أراد صراط النبيِّين والصدِّيقين والشهداء والصالِحِين، وانتزعوا ذلك من قوله تعالى: وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ ... الآية [النساء: ٦٦] إلى قوله: رَفِيقاً «١» .

وقوله تعالى: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ، اعلم أنَّ حكم كل مضافٍ إلى معرفة أنْ يكون معرفة، وإنما تنكَّرت «غَيْرٌ» و «مِثْلٌ» «٢» مع إضافتهما إلى المعارف من أجل معناهما، وذلك إِذا قلْتَ: رأيتُ غَيْرَكَ، فكلُّ شيء سوى المخاطَبِ، فهو غيره وكذلك إِنْ قُلْتَ: رأيْتُ مثْلَكَ، فما هو مثله لا يحصى لكثرة وجوه المماثلة.

والْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ: اليهودُ، والضالُّون: النصارى قاله ابن مسعود، وابن عَبَّاس، مجاهد، والسُّدِّيُّ، وابن زيد «٣» .

وروى ذلك عديّ بن حاتم «٤» عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم «٥» ، وذلك بيِّن من كتاب اللَّه لأنَّ ذِكْرَ


(١) أخرجه ابن جرير (١/ ١٠٦) برقم (١٨٨) ، وقال أحمد شاكر في تحقيقه للطبري (١/ ١٧٨) (١٨٨) : في إسناده ضعف. وذكره ابن عطية في «تفسيره» (١/ ٧٥) ، والسيوطي في «الدر» (١/ ٤٢) .
(٢) هذا يكون في الإضافة المحضة المعنوية لا الإضافة غير المحضة اللفظية.
(٣) أخرجه الطبري (١/ ١١١- ١١٤) بأرقام (٢٠٠- ٢٠١- ٢٠٢- ٢٠٥- ٢١٤- ٢١٩) عن ابن زيد، ومجاهد، عن ابن عباس، وابن مسعود، وعن ناس من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلم. وذكره ابن عطية الأندلسي في تفسيره (١/ ٧٧) ، والسيوطي في «الدر» (١/ ٤٢- ٤٣) .
وابن زيد هو عبد الرحمن بن زيد بن أسلم المدني روى عن أبيه، وعن وكيع وابن وهب، وقتيبة، وخلق. ضعّفه أحمد، وابن المديني، والنسائي، وغيرهم. توفي سنة (١٨٢) هـ.
ينظر: «الخلاصة» (٢/ ١٣٣) (٤٠٩٤) ، «الجرح والتعديل» (٢/ ٢٣٢- ٢٣٣) ، و «المغني» (٢/ ٣٨٠) .
(٤) هو: عدي بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس بن عدي بن أخزم بن أبي أخزم بن ربيعة بن جرول بن ثعلب بن عمرو بن عوث بن طيّ ... وقيل في نسبه غير ذلك، أبو الطريف. وقيل: أبو وهب، الطائي.
وهو ابن حاتم الطائي الذي يضرب بكرمه وجوده المثل، وكان هو أيضا كريما جوادا، وقد أسلم بعد أن كان نصرانيا. وروى عن النبي صلّى الله عليه وسلم أحاديث كثيرة، وثبت هو وقومه بعد موت النبي صلّى الله عليه وسلم وردت كثير من العرب، فجاء إلى أبي بكر بصدقة قومه. وأخباره في الكلام كثيرة، وسيرته بين الصحابة شهيرة. توفي سنة (٦٧) وقيل غير ذلك.
ينظر ترجمته في: «أسد الغابة» (٤/ ٨) ، «الإصابة» (٤/ ٢٢٨) ، «الثقات» (١/ ٣١٦) ، «الاستيعاب» (١٠٥٧) ، «تجريد أسماء الصحابة» (١/ ٣٧٦) ، «الطبقات الكبرى» (١/ ٣٢٢) ، «التاريخ الكبير» (٧/ ٤٣) ، «التاريخ الصغير» (١/ ١٤٨) ، «الجرح والتعديل» (٧/ ٢) .
(٥) أخرجه الترمذي (٥/ ٢٠٤) ، كتاب «تفسير القرآن» ، باب ومن سورة فاتحة الكتاب، حديث (٢٩٥٤) . -

<<  <  ج: ص:  >  >>