وقال البزار: هذا حديث لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلّم بإسناد متصل يجوز ذكره إلا بهذا الإسناد، ولا نعلم أحدا أسند هذا الحديث عن شعبة عن أبي بشر عن سعيد عن ابن عباس إلا أمية، ولم نسمعه نحن إلا من يوسف بن حماد، وكان ثقة، وغير أمية يحدث به عن أبي بشر عن سعيد بن جبير مرسلا، وانما يعرف هذا الحديث عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس، وأمية ثقة مشهور اهـ. وقد مشى الهيثمي على ظاهر السند، فقال في «المجمع» (٧/ ١١٨) : رواه البزار والطبراني، ورجالهما رجال الصحيحين. وهذا الطريق فيه اضطراب، فقد رواه بعضهم عن أبي بشر عن سعيد مرسلا وقد أشار إلى ذلك البزار رحمه الله. وهذا الطريق أخرجه الطبريّ في «تفسيره» (٩/ ١٧٦) رقم (٢٥٣٣١) من طريق محمد بن جعفر: ثنا شعبة عن أبي بشر عن سعيد بن جبير مرسلا. وقد رويت هذه القصة عن محمد بن كعب القرظي، وعن قتادة، وعن أبي العالية مرسلة: أما مرسل محمد بن كعب، فأخرجه الطبريّ (٩/ ١٧٥- ١٧٦) رقم (٢٥٣٢٨) وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ٦٦٢) ، وزاد نسبته إلى سعيد بن منصور. مرسل قتادة: أخرجه الطبريّ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ٦٦٣) ، وعزاه لابن أبي حاتم. أما مرسل أبي العالية، فأخرجه الطبريّ (٩/ ١٧٦) رقم (٢٥٣٣٠) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ٦٦٣) ، وزاد نسبته إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم. وللحديث طريق موصول عن ابن عباس: أخرجه الطبريّ في «تفسيره» (٩/ ١٧٦) رقم (٢٥٣٣٣) : حدثني محمد بن سعد قال: ثني أبي قال: ثني عمي، قال: ثني أبي عن أبيه عن ابن عباس به. قال الزيلعي في «تخريج الكشاف» (٢/ ٣٩٢) : ولكن فيه عدة مجاهيل عينا وحالا ا. هـ. وقد طعن فيها كثير من المحققين والمحدثين، قال البيهقي وهو من كبار رجال السنة: هذه القصة غير ثابتة من جهة النقل، وقال القاضي عياض في: «الشفاء» : إن هذا حديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة، ولا رواه ثقة بسند سليم متصل، وإنما أولع به وبمثله المفسرون والمؤرخون، والمولعون بكل غريب، المتلقفون من الصحف كل صحيح وسقيم، ومن حكيت عنه هذه المقالة من المفسرين والتابعين، لم يسندها أحد منهم ولا رفعها إلى صاحب، وأكثر الطرق عنهم فيها ضعيفة واهية، والمرفوع منها حديث شعبة، عن أبي البشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فيما أحسب (الشك في وصل الحديث) : «أن النبي صلى الله عليه وسلّم كان بمكة وذكر القصة» : قال أبو بكر البزار: هذا الحديث لا نعرفه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلّم بإسناد متصل، إلا هذا، ولم يسنده عن شعبة إلا أمية بن خالد، وغيره يرسله عن سعيد بن جبير، وإنما يعرف عن الكلبي عن أبي خالد عن ابن عباس، فقد بين أبو بكر أنه لا يعرف عن طريق يجوز ذكره سوى هذا، وفيه من الضعف ما نبه عليه، مع وقوع الشك فيه، الذي لا يوثق به ولا حقيقة معه، وأما حديث الكلبي: فمما لا يجوز الرواية منه، ولا ذكره لقوة ضعفه وكذبه ا. هـ. وكذا أنكر القصة القاضي أبو بكر بن العربي وطعن فيها من جهة النقل، وسئل محمد بن إسحاق بن خزيمة، عن هذه القصة، فقال: هذا من وضع الزنادقة، وصنف في ذلك كتابا، وذهب إلى وضعها الإمام: أبو منصور الماتريدي، في كتاب «حصص الأتقياء» حيث قال: الصواب أن قوله: «تلك الغرانيق العلى» من جملة-