٢- الاحتجاج بالمرسل إنما هو في الفرعيات التي يكفي فيها الظن، أما الاحتجاج به على إثبات شيء يصادم العقيدة وينافي دليل العصمة فغير مسلم، وقد قال علماء التوحيد: إن خبر الواحد لو كان صحيحا لا يؤخذ به في العقائد لأنه لا يكتفي فيها إلا باليقين، فما بالك بالضعيف؟!! ٣- هذا التأويل الذي ارتضاه ما أضعفه عند النظر والتأمل، فهو يوقع متأوله فيما فر منه، وهو تسلط الشيطان على النبي، فالتسلط عليه بالمحاكاة، كالتسلط عليه بالإجراء على لسانه، كلاهما لا يجوز، وفتح هذا الباب خطر على الرسالات، وإذا سلمنا أن الشيطان هو الذي نطق في أثناء سكوت الرسول، فكيف لا يسمع ما حكاه الشيطان؟ وإذا سمعنا، فكيف لا يبادر إلى إنكارها؟ والبيان في مثل هذا وجب على الفور، وإذا لم يسمع النبي، ألم يسمع أصحابه؟ وإذا سمعوا، فكيف يسكتون؟ وإذا لم يسمعوا فهل بلغ من تسلط الشيطان أن يحول بينهم وبين السماع؟ ومثل هذا: ما ذكره موسى بن عقبة في «مغازيه» : من أن المسلمين ما سمعوها، وإنما ألقى الشيطانُ ذلك في أسماع المشركين، فهل كان الشيطان يسر في آذان المشركين دون المؤمنين؟ ثم كيف يتفق هذا وما روي: من أن النبي حزن حزنا شديدا، وأن جبريل قال له: ما جئتك بهذا الحق!! الحق: أن نسج القصة مهما تأوّل فيه المتأولون فهو مهلهل متداع لا يثبت أمام البحث. ينظر: «الإسرائيليات والموضوعات في كتب التفسير» ص ٢٤٥ وما بعدها بتصرف. (١) ينظر: «المحرر الوجيز» (٤/ ١٢٩) .