للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: الرَّعْدُ مَلَكٌ، وهذا الصوت تسبيحُهُ.

وقيل: الرعد: اسم الصوْتِ المسموعِ قاله عليُّ بن أبي طالب «١» .

وأكثر العلماء على أن الرعد ملكٌ، وذلك صوته يسبِّح ويزجرُ السحابَ.

واختلفوا في البَرْقِ.

فقال علي بن أبي طالب وروي عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم: «هُوَ مِخْرَاقُ حَدِيدٍ بِيَدِ المَلَكِ يَسُوقُ بِهِ السَّحَابَ» وهذا أصحُّ ما روي فيه «٢» .

وقال ابن عبَّاس: هو سَوط نور بيد المَلَكِ يزجي به السحَابَ «٣» ، وروي عنه: أنَّ البرق ملك يتراءى «٤» .

واختلف المتأوّلون في المقصد بهذا المثل، وكيف تترتب أحوالُ المنافقينَ المُوَازِنَةُ لما في المَثَل من الظلماتِ والرعْدِ والبرقِ والصواعِقِ.

فقال جمهور المفسِّرين: مَثَّلَ اللَّه تعالى القُرْآنَ بالصَّيِّبِ، فما فيه من الإشكال عليهم والعمى هو الظلماتُ، وما فيه من الوعيدِ والزجْرِ هو الرعْدُ، وما فيه من النُّور والحُجَج الباهرة هو البَرْقُ، وتخوُّفهم ورَوْعُهُمْ وحَذَرُهم هو جَعْلُ أصابعهم في آذانهم، وفَضْحُ نفاقهم، واشتهارُ كفرهم، وتكاليفُ الشرع التي يكرهونها من الجهادِ والزكاةِ ونحوه هي الصواعقُ، وهذا كله صحيحٌ بيِّن.

وقال ابنُ مسعود: إِن المنافقين في مجلس رسول الله صلّى الله عليه وسلم كانُوا يجعلون أصابعهم في آذانهم لئلا يسمعوا القرآن، فضرب اللَّه المثل لهم «٥» ، وهذا وفاقٌ لقول الجمهور.

ومُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ معناه: بعقابهم، يقال: أحاط السلطان بفلانٍ، إِذا أخذه أخذًا حاصرًا من كل جهة، ومنه قوله تعالى: وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ [الكهف: ٤٢] .


(١) ذكره البغوي في «تفسيره» (١/ ٥٣) ، وابن عطية (١/ ١٠٢) ، والقرطبي (١/ ١٨٧) .
(٢) أخرجه البيهقي في «سننه» (٣/ ٣٦٣) ، كتاب «صلاة الاستسقاء» ، باب ما جاء في الرعد، عن علي موقوفا وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٤/ ٩٦) ، وعزاه لابن أبي الدنيا في كتاب «المطر» ، وابن جرير، وابن المنذر، والبيهقي، والخرائطي في «مكارم الأخلاق» .
(٣) ذكره الماوردي في «التفسير» (١/ ٨٢) ، والبغوي (١/ ٥٣) ، والقرطبي (١/ ١٨٧) .
(٤) ذكره ابن عطية الأندلسي (١/ ١٠٢) ، والقرطبي (١/ ١٨٨) .
(٥) ذكره ابن عطية الأندلسي (١/ ١٠٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>