للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انتهى من «التذْكرة» «١» للقرطبيِّ.

والْأَنْهارُ: المياه في مجاريها المتطاولة الواسعَةِ مأخوذةٌ من أنْهَرْتُ، أي:

وسّعت ومنه قول النبيّ صلّى الله عليه وسلم: «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسم اللَّهِ عَلَيْهِ، فَكُلُوهُ» «٢» . ومعناه: ما وسع الذبح حتى جرى الدم كالنهْرِ، ونسب الجري إِلى النهر، وإِنما يجري الماء تجوّزا كما قال سبحانه: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ [يوسف: ٨٢] وروي أن أنهار الجنة ليست في أخاديد إِنما تجري على سطْح أرض الجنة منضبطةً.

وقولهم: هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ: إِشارة إِلى الجنس، أي: هذا من الجنس الذي ١٣ أرزقنا منه من قبل، والكلام يحتمل/ أن يكون تعجباً منهم، وهو قولُ ابنِ عَبَّاس «٣» ، ويحتمل أن يكون خَبَراً من بعضهم لبعْضٍ قاله جماعة من المفسِّرين، وقال الحسنُ، ومجاهدٌ: يرزقُونَ الثمرةَ، ثم يرزقُونَ بعْدَها مثْلَ صورتها، والطَّعْم مختلفٌ، فهم يتعجَّبون لذلك، ويخبر بعضهم بعضاً «٤» ، وقال ابن عبَّاس: ليس في الجنة شيْءٌ ممّا في الدنيا سوى


- وقال ابن أبي حاتم في «العلل» (٢/ ٢١٥) : سألت أبي وأبا زرعة عن حديث رواه القاسم بن غصن، عن موسى الجهني، عن أبي بردة، عن أبيه، عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: «أهل الجنة عشرون ومائة صف، أمتي منهم ثمانون صفا» قالا: هذا خطأ إنما هو موسى الجهني، عن الشعبي، عن النبي صلّى الله عليه وسلم مرسل. قالا: والخطأ من القاسم. قلت: ما حال القاسم؟؟! قالا: ليس بقوي.
(١) ينظر: «التذكرة» (٢/ ٥٠٦) .
(٢) أخرجه أحمد (٣/ ٤٦٣- ٤٦٤) ، والبخاري (٩/ ٦٧٢) ، كتاب «الذبائح والصيد» ، باب إذا أصاب القوم غنيمة ... ، حديث (٥٥٤٣) ، ومسلم (٣/ ١٥٥٨) ، كتاب «الأضاحي» ، باب جواز الذبح بكل ما أنهر الدم، حديث (٢٠/ ١٩٦٨) ، وأبو داود (٣/ ٢٤٧) ، كتاب «الأضاحي» ، باب في الذبيحة بالمروة، حديث (٢٨٢١) ، والترمذي (٤/ ٨١) ، كتاب «الأحكام والفوائد» ، باب ما جاء في الزكاة بالقصب وغيره، حديث (١٤٩١) ، والنسائي (٧/ ٢٢٦) ، كتاب «الضحايا» ، باب في الذبح بالسن، وابن ماجة (٢/ ١٠٦١) ، كتاب «الذبائح» ، باب ما يذكى به، حديث (٣١٧٨) . والدارمي (٢/ ٨٤) ، كتاب «الأضاحي» ، باب: في البهيمة إذا ندت، وعبد الرزاق (٤/ ٤٦٥- ٤٦٦) ، رقم (٨٤٨١) ، والطيالسي (٩٦٣) ، وابن الجارود (٨٩٥) ، والحميدي (١/ ١٩٩) ، رقم (٤١٠) ، وابن حبان (٥٨٥٦- الإحسان) ، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٤/ ١٨٣) ، والطبراني في «الكبير» (٤/ ٣٢١) ، رقم (٤٣٨٠، ٤٣٨١، ٤٣٨٢، ٤٣٨٣، ٤٣٨٤) ، والبغوي في «شرح السنة» (٦/ ١٨- بتحقيقنا) ، من طريق عباية بن رفاعة، عن رافع بن خديج قال: قلت يا رسول الله، إنا نلقى العدو غدا، وليس معنا مدى، فقال النبي صلّى الله عليه وسلم: «ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه، فكلوا ما لم يكن سنّا، أو ظفرا، وسأحدثكم عن ذلك أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة» .
(٣) ذكره ابن عطية الأندلسي (١/ ١٠٩) ، والماوردي (١/ ٨٦) ، وابن كثير (١/ ٦٢) .
(٤) أخرجه الطبري (١/ ٢٠٩) برقم (٥٢٨) ، وعبد الرزاق في تفسيره (١/ ٤١) ، وذكره البغوي في «التفسير» -

<<  <  ج: ص:  >  >>