للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ص: تَتَجافى أَعربه أبو البقاء: حالاً، ويَدْعُونَ: حال أو مستأنف وخَوْفاً وَطَمَعاً: مَفْعُولاَن من أجله أو مصدران في موضع الحال انتهى. وفي «الترمذي» عن معاذ بن جبل قال: قلت: يا رَسُولَ اللهِ، أَخْبِرْنِي بِعَمَلٍ يُدْخِلُنِي الجَنَّةَ، وَيُبَاعِدُنِي عَنِ النَّارِ، قَالَ: «لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْ عَظِيمٍ، وَإنَّهُ لَيَسِيرٌ على مَنْ يَسَّرَهُ اللهُ تَعَالَى عَلَيْهِ تَعْبُدُ اللهَ لاَ تُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً، وَتُقِيمَ الصَّلاَةَ، وَتُؤْتِي الزَّكَاةَ، وَتَصُومُ رمضَانَ، وتَحُجُّ البَيْتَ، ثمَّ قَالَ: أَلاَ أَدُلُّكَ على أَبْوَابِ الخير؟ الصوم جنّة، والصدقة تطفئ الخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِىءُ المَاءُ النَّارَ، وَصَلاَةُ الرَّجُلِ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، ثم تَلاَ: تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ حَتَّى بَلَغَ يَعْمَلُونَ. ثم قال: أَلاَ أُخْبِرُكَ بِرَأْسِ الأَمْر وَعَمُودِهِ وَذِرْوَةِ سَنَامِهِ؟ قُلْتُ: بلى، يَا رَسُولَ اللهِ. قال: رَأْسُ الأَمْرِ الإسْلاَمُ، وَعَمُودُهُ الصَّلاَةُ وَذِرْوَةُ سَنَامِهِ الْجِهَادُ، ثُمَّ قَالَ: أَلاَ أُخْبِرُكَ بِمَلاَكِ ذَلِكَ كُلِّهِ؟

قُلْتُ: بلى يَا رَسُولَ اللهِ فَأَخَذَ بِلِسَانِهِ، وَقَالَ: كُفَّ عَلَيْكَ هَذَا. قُلْتُ: يَا رَسُولَ الله، وإنّا لمؤاخذون بما نتكلّم به؟! فَقَالَ: ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، وَهَلْ يَكُبَّ النَّاسَ فِي النَّارِ على وُجُوهِهِمْ إلاَّ حَصَائِدُ أَلْسِنَتِهِمْ؟!» «١» قال الترمذيُّ: حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. انتهى.

وقرأ حمزةُ وحده «٢» : «أُخْفِيْ» - بسكون الياء كأنه قال: أُخْفِيْ أَنَا. وقرأ الجمهور «أُخْفِيَ» - بفتح الياء-، وفي معنى هذه الآية قال صلى الله عليه وسلّم: «قال الله- عز وجل-: أعددت لعبادي الصالحين مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ ولا خطر على قلب بَشَرٍ ذُخْراً بَلْهَ مَا اطلعتم عَلَيْهِ، واقرءوا إنْ شِئْتُمْ: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ... الآية» انتهى.

قال القرطبيُّ في «تذكرته» «٣» : «وبَلْهَ» معناه: غَيْر، وقيل: هو اسم فِعْلٍ بمعنى دَعْ، وهذا الحديث خرّجه البخاري، وغيره «٤» .


(١) ينظر: الحديث السابق.
(٢) ينظر: «السبعة» (٥١٦) ، و «الحجة» (٥/ ٤٦٣) ، و «معاني القراءات» (٢/ ٢٧٤) ، و «شرح الطيبة» (٥/ ١٤٠) ، و «العنوان» (١٥٣) ، و «حجة القراءات» (٥٦٩) ، و «شرح شعلة» (٥٤٣) ، و «إتحاف» (٢/ ٣٦٧) . [.....]
(٣) ينظر: «التذكرة» للقرطبي (٢/ ٥٩٥) .
(٤) أخرجه البخاري (٨/ ٣٧٥) كتاب التفسير: باب فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ حديث (٤٧٧٩) ، ومسلم (٤/ ٢١٧٤) كتاب الجنة وصفة نعيمها، حديث (٢/ ٢٨٢٤) ، والترمذيّ (٥/ ٣٤٦- ٣٤٧) كتاب التفسير: باب «ومن سورة السجدة» ، حديث (٣١٩٧) ، والطبريّ في «تفسيره» (١٠/ ٢٤٣) رقم (٢٨٢٥٣، ٢٨٢٥٤) ، وأحمد (٢/ ٣١٣) ، والحميدي (٢/ ٤٨٠) ، وهناد في «الزهد» رقم (١، ٢) من حديث أبي هريرة.
وقال الترمذيّ: هذا حديث حسن صحيح.
وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٥/ ٣٣٩) ، وزاد نسبته إلى ابن المنذر، وابن أبي حاتم، وابن مردويه، وابن الأنباري.

<<  <  ج: ص:  >  >>