للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَقْطَعُ فِي الرَّوَاحِ مِنْ بَعْدِ الزَّوَالِ إلى الغُرُوبِ، مسيرةَ شَهْرٍ، وَكَانَ سليمانُ إذَا أرادَ قَوْماً لَمْ يَشْعُرُوا حَتَّى يُظِلَّهم في جَوِّ السَّمَاءِ «١» . وقوله تعالى: وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ:

قَال ابن عباس، وغيره: كانتْ تَسِيلُ لَهُ باليَمَنِ عَيْنٌ جَارِيَةٌ مِنْ نُحَاسٍ يُصْنَعُ لَهْ منها جميع ما أحبّ، والْقِطْرِ: النّحاس «٢» ، ويَزِغْ: معناه: يَمِلْ، أي: يَنْحَرِفُ عاصياً، وقال: عَنْ أَمْرِنا ولم يقل: «أرادتنا» لأَنَّهُ لاَ يَقَعُ في العالِم شَيءٌ يخالفُ إرَادتَهُ سُبْحَانه تعالى ويقعُ ما يخالفُ الأَمر، وقوله: مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ قيل: عذابُ الآخرة.

وقيل: بل كان قد وكّل بهم مَلكٌ بيدِه سَوْطٌ مِن نَارٍ السَّعِيرِ فَمَنْ عَصَى ضَرَبَهُ فَأَحْرَقَهُ، و «الْمَحَارِيبُ» : الأَبْنِيَةُ العَالِيَةُ الشَّرِيفَةُ، قَالَ قَتَادَةُ: القصورُ والمسَاجِدُ والتَّمَاثِيلُ «٣» ، قِيلَ: كَانَتْ مِن زُجَاجٍ وَنُحَاسٍ تَمَاثِيلُ أَشْيَاءَ لَيْسَتْ بِحَيَوانٍ، «والجوابي» :

جَمْعُ جَابِيةٍ وَهِي البِرْكَةُ التي يجبى إليها الماء وراسِياتٍ مَعْنَاه: ثابتاتُ لِكِبَرهَا، ليستْ مِمَّا يُنْقَلُ أو يُحْمَل ولا يَسْتَطِيعُ عَلَى عَمَلِهِ إلاَّ الجنُّ ثُمَّ أُمرُوا مَعَ هذهِ النعمِ بأَنْ يَعْمَلُوا بالطّاعات، وشُكْراً يُحْتَمَلُ نَصْبُه عَلى الحَالِ، أوْ عَلَى جِهَةِ المَفْعُولِ، أي: اعملوا عَمَلاً هو الشكرُ كَأَنَّ العِبَادَاتِ كُلَّها هِي نَفْسُ الشُّكْرِ، وفي الحديث: أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلّم صَعَدَ المنبرَ فَتَلا هذه الآيةَ، ثم قال: «ثَلاثٌ من أُوتِيهِنَّ فَقَدْ أُوتِي العَمَلَ شُكْراً: العدلُ في الرضَا والغَضَبِ، والقَصْدُ فِي الفَقْرِ والغِنَى، وخَشْيَةُ اللهِ فِي السِّرِّ والعَلانِيَة» «٤» ، وَهَكَذَا نقل ابن


(١) أخرجه الطبريّ في «تفسيره» (١٠/ ٣٥٣) ، برقم (٢٨٧٤٠) بنحوه، وذكره ابن عطية في «في تفسيره» (٤/ ٤٠٨) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥/ ٤٢٧) بنحوه، وعزاه لعبد بن حميد عن قتادة.
(٢) أخرجه الطبريّ في «تفسيره» (١٠/ ٣٥٣) برقم (٢٨٧٤٥) عن قتادة، ورقم (٢٨٧٤٦) عن ابن زيد، ورقم (٢٨٧٤٨) عن ابن عباس، وذكره البغوي في «تفسيره» (٣/ ٥٥١) ، وابن عطية في «تفسيره» (٤/ ٤٠٩) ، وابن كثير في «تفسيره» (٣/ ٥٢٨) ، بنحوه، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥/ ٤٢٨) بنحوه، وعزاه لابن أبي شيبة، وعبد بن حميد، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس. [.....]
(٣) أخرجه الطبريّ في «تفسيره» (١٠/ ٣٥٤) رقم (٢٨٧٥١) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤/ ٤٠٩) ، وابن كثير في «تفسيره» (٣/ ٥٢٨) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥/ ٤٢٩) ، وعزاه لعبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن المنذر عن قتادة.
(٤) ذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٥/ ٤٣٠- ٤٣١) ، وعزاه إلى ابن المنذر عن عطاء بن يسار مرسلا، وإلى ابن مردويه عن حفصة مرفوعا.
والحكيم الترمذيّ عن أبي هريرة مرفوعا.
وابن النجار في «تاريخه» عن أبي ذر.
وذكره الهندي في «كنز العمال» (٤٣٢٢٤) ، وعزاه للحكيم الترمذيّ عن أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>