للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفِعْل، أي: فاضربوا رقابهم وعَيَّنَ مِنْ أنواع القَتْلِ أَشْهَرَهُ، والمراد: اقتلوهم بأَيِّ وجه أَمكَنَ وفي «صحيح مسلم» عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «لا يَجْتَمِعُ كَافِرٌ وَقَاتِلهُ في النَّارِ أبدا» «١» .

وفي «صحيح البخاري» عنه صلّى الله عليه وسلّم قال: «مَا اغْبَرَّتْ/ قَدَمَا عَبْدٍ في سَبِيلِ اللَّهِ فَتَمَسَّهُ النَّارُ» «٢» انتهى.

والإثخان في القوم أنْ يكثر فيهم القتلى والجرحى، ومعنى: فَشُدُّوا الْوَثاقَ أي:

بمن لم يُقْتَلْ، ولم يترتَّب فيه إلاَّ الأسْرُ، ومَنًّا وفِدَاءً: مصدران منصوبانِ بفعلَيْن مُضْمَرَيْنِ.

وقوله: حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها معناه: حتى تذهبَ الحربُ وتزولَ أثقالُهَا، والأوزار: الأثقال ومنه قول عَمْرِو بنِ مَعْدِ يكرِبَ: [من المتقارب]

وَأَعْدَدْتُ لِلْحَرْبِ أَوْزَارَهَا ... رِمَاحاً طِوَالاً وَخَيْلاً ذُكُورَا «٣»

واختلف المتأولون في الغاية التي عندها تضع الحربُ أوزارها، فقال قتادة: حتى يُسَلِّمَ الجميعُ «٤» ، وقال حُذَّاقُ أهل النظر: حتى تغلبوهم وتَقْتُلُوهُمْ، وقال مجاهد: حتى ينزلَ عيسى ابْنُ مَرْيَمَ «٥» ، قال ع «٦» : وظاهر اللفظ أَنَّهُ استعارةٌ يُرَادُ بها التزامُ الأمْرِ أبداً وذلك أَنَّ الحربَ بين المؤمنين والكافرين لا تضع أوزارها، فجاء هذا كما تقول: أنا أفعل كذا وكذا إلى يَوْمِ القيامةِ، وإنَّما تريد أنّك تفعله دائما.


(١) أخرجه مسلم (٣/ ١٥٠٥) كتاب «الإمارة» باب: من قتل كافرا ثم سدد، حديث (١٣٠/ ١٨٩١) ، وأحمد (٢/ ٣٩٧) ، والبيهقي (٩/ ١٦٥) من حديث أبي هريرة.
(٢) أخرجه البخاري (٦/ ٣٥) كتاب «الجهاد والسير» باب: من اغبرت قدماه في سبيل الله، وقول اللَّهَ عَزَّ وجلَّ: مَا كانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ- إلى قوله- إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ [التوبة: ١٢٠] (٢٨١١) ، والبيهقي (٩/ ١٦٢) كتاب «السير» باب: فضل المشي في سبيل الله.
(٣) البيت للأعشى ميمون بن قيس، وهو في «ديوانه» (٧١) ، «مشاهد الإنصاف» (١/ ٢٥١) ، «التهذيب» (١٣/ ٢٤٤) (وزر) ، «اللسان» (وزر) ، و «البحر المحيط» (٨/ ٧٥) منسوبا لعمرو بن معدي كرب، وقال: أنشده ابن عطية لعمرو هذا، وأنشده الزمخشري للأعشى. ينظر: «الكشاف» (٤/ ٣١٧) ، و «الدر المصون» (٦/ ١٤٧) .
(٤) أخرجه الطبري (١١/ ٣٠٨) برقم: (٣١٣٥٤- ٣١٣٥٥) ، وذكره ابن عطية (٥/ ١١١) ، وذكره ابن كثير (٤/ ١٧٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٢١) ، وعزاه إلى عبد بن حميد.
(٥) أخرجه الطبري (١١/ ٣٠٨) برقم: (٣١٣٥٣) ، وذكره ابن عطية (٥/ ١١١) ، وابن كثير (٤/ ١٨٣) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٢١) ، وعزاه إلى الفريابي، وعبد بن حميد.
(٦) ينظر: «المحرر الوجيز» (٥/ ١١١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>