للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ أي: بعذابٍ مِنْ عنده، ولكن أراد سبحانه اختبار المؤمنين، وأنْ يَبْلُوَ بعضَ الناس ببعضٍ، وقرأ الجمهور: قاتلوا وقرأ عاصم بخلاف عنه: قتلوا- بفتح القاف والتاء-، وقرأ أبو عمرو وحَفْصٌ: قُتِلُوا- بضم القاف وكسر التاء «١» قال قتادة: نزلَتْ هذه الآيةُ فيمَنْ قُتِلَ يوم أُحُدٍ من المؤمنين «٢» .

وقوله سبحانه: سَيَهْدِيهِمْ أي: إلى طريقِ الجَنَّةِ.

ت: ذكر الشيخ أبو نُعَيْمٍ الحافظُ أنَّ مَيْسَرَةَ الخادمَ قال: غزونا في بعض الغَزَوَاتِ، فإذا فتًى إلى جانِبي، وإذا هو مُقَنَّعٌ بالحديد، فَحَمَلَ على/ المَيْمَنَةِ، فَثَنَاها، ثُمَّ على المَيْسَرَةِ حتى ثَنَاهَا، وحَمَلَ عَلَى القَلْبِ حتى ثناه، ثم أنشأ يقول: [الرجز]

أَحْسِنْ بِمَوْلاَكَ سَعِيدُ ظَنَّا ... هَذا الَّذِي كُنْتَ لَهُ تمنى

تَنَحِّ يَا حُورَ الْجِنَانِ عَنَّا ... مَالَكِ قَاتَلْنَا وَلاَ قُتِلْنَا

لَكِنْ إلى سَيِّدِكُنَّ اشتقنا ... قَدْ عَلِمَ السِّرَّ وَمَا أَعْلَنَّا

قال: فحمل، فقاتل، فقتل منهم عددا، ثم رجع إلى مَصَافِّهِ، فتكالَبَ عليه العَدُوُّ، فإذا هو- رضي اللَّه تعالى عنه- قد حمل على الناس، وأنشأ يقول: [الرجز]

قَدْ كُنْتُ أَرْجُو وَرَجَائِي لَمْ يَخِبْ ... أَلاَّ يَضِيعَ الْيَوْمَ كَدِّي وَالطَّلَبْ

يَا مَنْ مَلاَ تِلْكَ الْقُصُورَ باللُّعَبْ ... لَوْلاَكَ مَا طَابَتْ وَلا طَابَ الطَّرَبْ

ثم حَمَلَ- رضي اللَّه عنه- فقاتل، فَقَتَلَ منهم عَدَداً، ثم رجع إلى مصافه، فتكالب عليه العدو فحَمَلَ- رضي اللَّه عنه- في المرة الثالثة، وأنشأ يقول: [الرجز]

يَا لُعْبَةَ الخُلْدِ قِفِي ثُمَّ اسمعي ... مَالَكِ قَاتَلْنَا فَكُفِّي وارجعي

ثُمَّ ارجعي إلَى الْجِنَانِ واسرعي ... لاَ تَطْمَعِي لاَ تَطْمَعِي لاَ تَطْمَعِي

فقاتل- رضي اللَّه عنه- حتى قُتِلَ،، انتهى من ابن عَبَّاد شارح «الحكم» .


(١) ينظر: «السبعة» (٦٠٠) ، و «الحجة» (٦/ ١٩٠) ، و «إعراب القراءات» (٢/ ٣٢٣) ، و «معاني القراءات» (٢/ ٣٨٥) ، و «شرح الطيبة» (٦/ ٧) ، و «العنوان» (١٧٦) ، و «حجة القراءات» (٦٦٦) ، و «شرح شعلة» (٥٨٥) ، و «إتحاف» (٢/ ٤٧٥) .
(٢) أخرجه الطبري (١١/ ٣٠٩) برقم: (٣١٣٥٨- ٣١٣٥٩) ، وذكره ابن عطية (٥/ ١١١) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦/ ٢٣) ، وعزاه إلى عبد الرزاق، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم.

<<  <  ج: ص:  >  >>