قال الدارقطني: يضع الحديث. ينظر: «تنزيه الشريعة» (١/ ١٠٥) . والحديث: ذكره السيوطي في «الجامع الصغير» (٤/ ١٣٨) - فيض، برقم: (٤٨٠٤) ، من حديث أبي هريرة، وجابر، وعائشة، ورمز له بالضعف، ووافقه المناوي في «شرحه» وقال المناوي في «الفيض» (٤/ ١٣٨- ١٣٩) : (السخي قريب من الله) أي: من رحمته وثوابه، فليس المراد قرب المسافة، تعالى الله عنه، إذ لا يحل الجهات، ولا ينزل الأماكن، ولا تكتنفه الأقطار، (قريب من الناس) أي: من محبتهم فالمراد: قرب المودة، (قريب من الجنة) لسعيه فيما يدنيه منها، وسلوكه طريقها، فالمراد هنا قرب المسافة، وذلك جائز عليها لأنها مخلوقة، وقربه منها: برفع الحجاب بينه وبينها، وبعده عنها: كثرة الحجب، فإذا قلّت الحجب بينك وبين الشيء. قلت مسافته، أنشد بعضهم: يقولون لي دار الأحبة قد دنت ... وأنت كئيب إن ذا لعجيب فقلت وما تغني ديار قريبة ... إذا لم يكن بين القلوب قريب والجنة والنار محجوبتان عن الخلق بما حفتا به من المكاره والشهوات، وطريق هتك هذه الحجب مبينة في مثل: «الإحياء» ، و «القوت» من كتب القوم، (بعيد من النار والبخيل بعيد من الله) أي: من رحمته، (بعيد من الناس بعيد من الجنة قريب من النار) ، وقال الغزالي: والبخل ثمرة الرغبة في الدنيا، والسخاء ثمرة الزهد والثناء على الثمرة ثناء على المثمر لا محالة، والسخاء: ينشأ من حقيقة التوحيد والتوكل والثقة بوعد الله وضمانه للرزق، وهذه أغصان شجرة التوحيد التي أشار إليها الحديث، والبخل: ينشأ من الشرك وهو الوقوف مع الأسباب والشك في الوعد، قال الطيبي: التعريف في السخي والبخيل للعهد الذهني وهو ما عرف شرعا أن السخي من هو والبخيل من هو، وذلك أن من أدى الزكاة فقد امتثل أمر الله، وعظمه، وأظهر الشفقة على خلقه، وواساهم بماله، فهو قريب من الله وقريب من الناس، فلا تكون منزلته إلا الجنة، ومن لم يكن كذلك فبالعكس ولذلك كان جاهل سخي أحب إلى الله من عابد بخيل، كما قال: (ولجاهل سخي أحب إلى الله من عابد بخيل) فخولف ليفيد أن الجاهل غير العابد السخي أحب إلى الله من العابد العالم البخيل، فيالها من حسنة غطت على عيبين عظيمين، ويا لها من سيئة حطت حسنتين خطيرتين، على أن الجاهل السخي سريع الانقياد بما يؤمر به من نحو تعلم، وإلى ما ينهى عنه بخلاف العالم البخيل، (تنبيه) قال الراغب: من شرف السخاء والجود، أن الله قرن اسمه بالإيمان، ووصف أهله بالفلاح، والفلاح أجمع لسعادة الدارين، وحق للجود أن يقترن بالإيمان، فلا شيء أخص منه به ولا أشد مجانسة له فمن صفة المؤمن: انشراح الصدر فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً، وهما من صفة الجواد والبخيل لأن الجواد يوصف بسعة الصدر والبخيل بضيقه اهـ. (١) أخرجه البخاري (٨/ ٥١٠) كتاب «التفسير» باب: قوله: وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ (٤٨٩٧) ، ومسلم (٤/ ١٩٧٢) ، كتاب «فضائل الصحابة» باب: فضل فارس (٢٣٠- ٢٣١/ ٢٥٤٦) ، وأحمد (٢/ ٣٠٩) .