للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجَهَرَ الرَّجُلُ الأَمْرَ: كشفه، وفي «مختصر الطبريِّ» عن ابن عبَّاس: جَهْرَةً: قال علانيةً «١» ، وعن الربيع: جَهْرَةً: عياناً «٢» . انتهى.

وقوله تعالى: ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ: أجاب اللَّه تعالى فيهم رغبةَ موسى عليه السلام وأحياهم من ذلك الهمودِ، أو الموت ليستوفوا آجالهم، وتاب عليهم، والبعث هنا الإثارة، ولَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ، أي: على هذه النعمة، والترجِّي إِنَّمَا هو في حق البَشَر.

وذكر المفسِّرون في تظليل الغمامِ أنَّ بني إِسرائيل، لما كان من أمرهم ما كان من القتل، وبقي منهم من بقي، حصلوا في فحص «٣» التِّيه بَيْن مصْر والشَّام، فأُمِرُوا بقتال الجَبَّارين، فَعَصَوْا، وقالوا: فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا [المائدة: ٢٤] فدعا موسى عليهم، فعوقبوا بالبقاء في ذلك الفحْص أربعين سَنَةً يتيهون في مقدارِ خَمْسَة فراسِخَ أو ستَّةٍ، روي أنهم كانوا يمشون النهار كلَّه، وينزلون للمبيت، فيصبحون حيثُ كانوا بكرةَ أَمْسِ، فندم موسى على دعائه عليهم، فقيل له: فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ [المائدة: ٢٦] .


- أحدهما: أنها مصدر وفيها حينئذ قولان:
أحدهما: أنّ ناصبها محذوف، وهو من لفظها، تقديره: جهرتم جهرة، نقله أبو البقاء.
والثاني: أنها مصدر من نوع الفعل فتنتصب انتصاب القرفصاء من قولك: «قعد القرفصاء» ، «واشتمل الصمّاء» ، فإنها نوع من الرؤية، وبه بدأ الزمخشري.
والثاني: أنها مصدر واقع موقع الحال، وفيها حينئذ أربعة أقوال:
أحدهما: أنه حال من فاعل «نرى» أي: ذوي جهرة، قاله الزمخشري.
والثاني: أنّها حال من فاعل «قلتم» ، أي: قلتم ذلك مجاهرين، قاله أبو البقاء، وقال بعضهم: فيكون في الكلام تقديم وتأخير، أي: قلتم جهرة لن نؤمن لك، ومثل هذا لا يقال فيه تقديم وتأخير، بل أتى بمفعول القول ثم بالحال من فاعله، فهو نظير: «ضربت هندا قائما» .
والثالث: أنّها حال من اسم الله تعالى، أي: نراه ظاهرا غير مستور.
والرابع: أنّها حال من فاعل «نؤمن» نقله ابن عطية، ولا معنى له، والصحيح من هذه الأقوال الستة الثاني.
ينظر: «الدر المصون» (١/ ٢٢٩) .
(١) أخرجه الطبري (١/ ٣٣٨) برقم (٩٤٨) ، وذكره السيوطي في «الدر» (١/ ١٣٦) ، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم.
(٢) أخرجه الطبري (١/ ٣٣٩) برقم (٩٤٩) .
(٣) الفحص: ما استوى من الأرض. وفي حديث كعب: «إن الله بارك في الشام، وخص بالتقديس من فحص الأردن إلى رفح» والفحص- هنا- ما بسط من نهر الأردن، وكشف من نواحيه. ينظر: «لسان العرب» (٣٣٥٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>