للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروي أنهم ماتوا بأجمعهم في فحص التِّيه، ونشأ بنوهم على خير طاعة، فهم الذين خرجوا من فحْصِ التيه، وقاتلوا الجَبَّارين، وإذ كان جميعُهم في التيه، قالوا لموسى: من لنا بالطعامِ؟ قال: اللَّه، فأنزل اللَّه عليهم المَنَّ والسلوى، قالوا: مَنْ لنا من حَرِّ الشمس؟

فظلَّل عليهم الغمامَ، قالوا: بِمَ نستصْبِحُ بالليل، فضَرَبَ لهم عمودَ نُورٍ في وَسَطَ مَحَلَّتهم، وذكر مكِّيٌّ عمود نار، قالوا: من لنا بالماء؟ / فأمر موسى بضرب الحَجَرِ، قالوا: من لنا ٢١ ب باللباس، فَأُعْطُوا ألاَّ يبلى لهم ثوبٌ، ولا يَخْلَقَ، ولا يَدْرَنَ، وأن تنمو صِغَارُهَا حَسَب نُمُوِّ الصبيانِ، والمَنُّ صَمْغَةٌ حُلْوَةٌ هذا قول فرقةٍ، وقيل: هو عسل، وقيل: شراب حُلْوٌ، وقيل: الذي ينزل اليوْمَ على الشجَر، وروي أنَّ المَنَّ كان ينزل عليهم من طُلُوع الفَجْر إلى طُلُوع الشمس كالثلج، فيأخذ منه الرجُلُ ما يكفيه ليومه، فإِنِ ادَّخَرَ، فسد عليه إِلا في يوم الجمعة فإِنهم كانوا يدَّخرون ليوم السبْتِ، فلا يفسد عليهم لأن يوم السبت يومُ عبادةٍ.

والسلوى طيرٌ بإِجماع المفسّرين، فقيل: هو السّمانى.

وقيل: طائر مثل السّمانى.

وقيل: طائر مثل الحمام تحشره عليهم الجَنُوب.

ص «١» : قال ابن عطيَّة: وغلط الهُذَلِيُّ «٢» في إِطلاقه السلوى على العَسَلِ حيث قال: [الطويل]

وَقَاسَمَهَا بِاللَّهِ عَهْداً لأنْتُمُ ... أَلَذُّ مِنَ السلوى إِذَا مَا نَشُورُهَا

«٣» ت «٤» : قد نقل صاحبُ المختصر أنه يطلق على العَسَلِ لغةً فلا وجه


(١) «المجيد» ص (٢٥٩) .
(٢) خويلد بن خالد بن محرّث، أبو ذؤيب، من بني هذيل بن مدركة، من «مضر» : شاعر فحل، مخضرم، أدرك الجاهلية والإسلام، وسكن «المدينة» ، واشترك في الغزو والفتوح. وعاش إلى أيام عثمان.
قال البغدادي: هو أشعر هذيل من غير مدافعة. وفد على النبي صلّى الله عليه وسلم ليلة وفاته، فأدركه وهو مسجّى، وشهد دفنه.
ينظر: «الأغاني» (٦/ ٥٦) ، «الشعر والشعراء» (٢٥٢) ، و «خزانة البغدادي» (١/ ٢٠٣) ، و «الأعلام» (٢/ ٣٢٥) .
(٣) البيت لأبي ذؤيب، وأنشده ابن منظور في «اللسان» لخالد بن زهير ينظر: «ديوان الهذليين» (١/ ١٥٨) ، و «اللسان» (سلا) ، و «البحر المحيط» (١/ ٣٦٤) ، و «القرطبي» (١/ ٤٠٧) ، و «الدر المصون» (١/ ٢٣٠) ، و «روح المعاني» (١/ ٢٦٤) .
(٤) لا زال الكلام للصفاقسي.

<<  <  ج: ص:  >  >>