للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله عز وجل: أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ ... الآية، قرأ الجمهور: «نُتْبِعُهُمُ» - بضم العين- على استئناف الخبر، ورُوِيَ عن أبي «١» عمرو: «نُتْبِعْهُمُ» بجزم العين عطفاً على «نهلك» وهي قراءة الأعرج، فَمَنْ قرأ الأولى جعل الأولين الأُمَمَ التي تقدمت قريشاً بأجمعها، ثم أخبر أَنَّهُ يتبع الآخرين من قريش وغيرهم سنن أولئك إذا كفروا وسلكوا سبيلهم، ومَنْ قرأ الثانية جعل الأَوَّلِينَ قومَ نوحٍ وإبراهيمَ ومَنْ كان معهم، والآخرين قوم فرعونَ وكُلَّ مَنْ تأخَّرَ وقَرُبَ من مدّة النبي صلّى الله عليه وسلّم ثم قال: كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ أي: في المستقبل، فيدخل هنا قريش وغيرها، وأَمَّا تكرار قوله تعالى: وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ في هذه السورة فقيل: ذلك لمعنى التأكيد فقط، وقيل: بل في كل آية منها ما يقتضي التصديقَ، فجاء الوعيد على التكذيب بذلك الذي في الآية، والماء المهين:

معناه الضعيف، والقرار المكين: الرَّحِمُ وبَطْنُ المرأة، والقدر «٢» المعلوم: هو وقت الولادة [ومعناه] معلوم عند اللَّه، وقرأ نافع والكسائيُّ: «فَقَدَّرْنَا» - بتشديد الدال-، والباقون بتخفيفها، وهما بمعنى من القدرة والقدر ومن التقدير والتوقيت.

ت: وفي كلام ع: تلفيف، وقال غيره: فَقَدَّرْنَا بالتشديد من التقدير وبالتخفيف من القدرة، وهو حسن.

وقوله: الْقادِرُونَ يُرَجِّحُ قراءة الجماعة إلاَّ أَنَّ ابن مسعود رَوَى عنِ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أَنَّهُ فَسَّرَ «القادرون» بالمقدرين، والكِفَاتُ: الستر والوعاء الجامع للشيء بإجماع تقول: كفت الرجلُ شعره إذا جمعه بخرقة، والأرضُ تكفت الأحياءَ على ظهرها، وتكفِتُ الأموات في بطنها، وخَرَجَ الشَّعْبِيُّ إلى جنازة فنظر إلى الجبَّانة فقال: هذه كفات الموتى، ثم نظر إلى البيوت فقال: وهذه كفات الأحياء.

قال/ ع «٣» : ولما كان القبر كفاتاً كالبيت، قُطِعَ من سَرَقَ منه، والرواسي:

الجبال، والشوامخ: المرتفعة، والفرات: الصافي العَذْبُ، والضمير في قوله: انْطَلِقُوا


(١) وقرأ بها الأعرج كما في «المحتسب» (٢/ ٣٤٦) .
وينظر: «مختصر الشواذ» ص: (١٦٧) ، و «المحرر الوجيز» (٥/ ٤١٨) ، و «البحر المحيط» (٨/ ٣٩٧) ، و «الدر المصون» (٦/ ٤٥٦) .
(٢) ينظر: «السبعة» (٦٦٦) ، و «الحجة» (٦/ ٣٦٥) ، و «إعراب القراءات» (٢/ ٤٢٨) ، و «شرح الطيبة» (٦/ ٩٣) ، و «العنوان» (٢٠٢) ، و «حجة القراءات» (٧٤٣) ، و «شرح شعلة» (٦١٧) ، و «إتحاف» (٢/ ٥٨١) .
(٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (٥/ ٤١٩) . [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>