للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتوهَّم متوهم التخْيير بين ثلاثةِ أيَّامٍ في الحجِّ أو سبعة إِذا رجع، أُزِيلَ ذلك بالجليّة من قوله تعالى: تِلْكَ عَشَرَةٌ.

وكامِلَةٌ «١» قال الحسن بن أبي الحَسَن: المعنى: كاملة الثوابِ «٢» ، وقيل: كاملةٌ «٣» تأكيدٌ كما تقول: كَتَبْتُ بيَدِي، وقيل: لفظها الإِخبار «٤» ، ومعناها الأمر، أي: أكملوها، فذلك فرضها، وقوله تعالى: ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ ... الآيةَ: الإِشارة بذلك على قول الجمهورِ هي إِلى الهَدْي، أي: ذلك الاشتداد والإِلزام، وعلى قول من يرى أن المكِّيَّ لا تجوز له العُمْرة في أشهر الحج، تكون الإِشارة إِلى التمتُّع، وحُكْمِه فكأن الكلام ذلك الترخيصُ لمن لَمْ ويتأيَّد هذا بقوله: لِمَنْ لَمْ لأن اللام أبداً إِنما تجيء مع الرخص «٥» ، واختلف الناس في حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ بعد الإِجماع على أهل مكة، وما اتصل بها، فقيل: من تَجِبُ عليه الجمعة بمكَّة، فهو حَضَرِيٌّ، ومن كان أبعد من ذلك، فهو بَدَوِيٌّ، قال ع «٦» : فجعل اللفظة من الحضارة، والبداوة.

وقيل: من كان بحيثُ لا يَقْصُرُ الصلاة، فهو حاضرٌ، أي: مشاهدٌ، ومن كان أبعد من ذلك، فهو غائبٌ.

وقال ابن عبَّاس، ومجاهد: أهل الحرم «٧» كلّه حاضر والمسجد الحرامِ، ثم أمر تعالى بتقواه على العموم، وحذّر من شديد عقابه.


(١) قال الشافعي في «رسالته» : احتملت أن تكون زيادة في التبيين، واحتملت أن يكون أعلمهم أنّ ثلاثة إذا جمعت إلى سبع كانت عشرة كاملة. ينظر: «الرسالة» (٢٦) .
(٢) ذكره البغوي في «معالم التنزيل» (١/ ١٧٠) وابن عطية في «المحرر الوجيز» (١/ ٢٧٠) .
(٣) أخرجه الطبري (٢/ ٢٦٤) ، وذكره البغوي (١/ ١٧٠) ، وابن عطية (١/ ٢٧٠) .
(٤) أخرجه الطبري (٢/ ٢٦٤) ، وذكره ابن عطية (١/ ٢٧٠) ، والبغوي (١/ ١٧١) .
(٥) وهذا على قول من قال: إن الإشارة ب «ذلك» المقصود بها: ذلك الترخيص، وأما القائلون بجواز اعتمار المكي في أشهر الحج، فيقولون: إن اللام في قوله تعالى: «لمن» بمعنى «على» ، ويصير المعنى:
وجوب الدم على من لم يكن من أهل مكة، كقوله عليه السلام: «اشترطي لهم الولاء» .
ينظر: «الجامع لأحكام القرآن» ، للإمام القرطبي (٢/ ٢٦٨) .
(٦) «المحرر الوجيز» (١/ ٢٧١) .
(٧) أخرجه الطبري (٢/ ٢٦٥) برقم (٣٥٠٦) ، وذكره ابن عطية (١/ ٢٧١) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (١/ ٣٩١) عن مجاهد، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر عن ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>