للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحرام «١» ندْبٌ عند أهل العلْم، قال مالك: ومن مَرَّ به، ولم ينزلْ، فعليه دَمٌ.

وقوله تعالى: وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ تعديد للنعمة، وأمر بشكرها.

ص: كَما هَداكُمْ: الكاف للتشبيهِ، وهو في موضع نصْبٍ على النعت لمصدرٍ محذوفٍ، و «مَا» مصدريةٌ، أي: كهدايتِهِ، فتكون «مَا» وما بعدها في موضع جَرٍّ، إِذ يَنْسَبِكُ منْها مع الفعل مصْدَرٌ، ويَحتملُ أن تكون للتعليلِ على مذهب الأخفش، وابن بَرْهَانَ «٢» ، وجوَّز ابن عطيَّة وغيره، أنْ تكون «مَا» كافَّة للكاف عن العَمَل، والأول أولى «٣» لأن فيه إِقرار الكافِ على عملها الجرّ، وقد منع صاحبُ «المستوفى» «٤» أنْ تكون الكافُ مكفوفةً ب «مَا» واحتج من أثبته بقوله: [الوافر]

لَعَمْرُكَ إِنَّنِي وَأَبَا حُمَيْدٍ ... كَمَا النِّسْوَانُ وَالرَّجُلُ الْحَلِيمُ

أُريدُ هِجَاءَهُ وَأَخَافُ رَبِّي ... وَأَعْلَمُ أَنَّهُ عبد لئيم

«٥» انتهى.


(١) ذكره ابن عطية في «المحرر الوجيز» (١/ ٢٧٤) .
(٢) عبد الواحد بن عليّ بن عمر بن إسحاق بن إبراهيم بن برهان أبو القاسم الأزديّ العكبري النّحوي.
صاحب العربيّة واللغة والتواريخ وأيّام العرب، قرأ على عبد السلام البصريّ وأبي الحسن وكان أوّل أمره منجما فصار نحويّا، وكان حنبليّا فصار حنفيّا. مات في جمادى الآخرة سنة ست وخمسين وأربعمائة.
ينظر: «بغية الوعاة» (٢/ ١٢٠- ١٢١) .
(٣) ينظر: «البحر المحيط» (٢/ ١٠٦) ، و «الدر المصون» (١/ ٤٩٥) .
(٤) «المستوفى» في النحو، قال السيوطي في «بغية الوعاة» (٣٥٥) : «أكثر أبو حيان من النقل عنه» . وهو لأبي سعد كمال الدين علي بن مسعود بن محمود بن الحكم الفرّخان القاضي. وفي «كشف الظنون» أنه علي بن مسعود الفرغاني. لكن قال السيوطي: «كذا، وسماه هكذا ابن مكثوم في «تذكرته» .
(٥) البيتان لزياد الأعجم في ديوانه (ص ٩٧) و «الجنى الداني» (ص ٤٨١) و «شرح شواهد المغني» (ص ٥٠١) و «المقاصد النحوية» (٣/ ٣٤٨) وبلا نسبة في «مغني اللبيب» (١/ ١٧٨) ، «خزانة الأدب» (١٠/ ٢٠٦- ٢٠٨) ، «العيني» (٣/ ٤٨) ، و «شرح أبيات المغني» للبغدادي (٤/ ١٢٥- ١٢٦) ، و «الدر المصون» (١/ ٤٩٥) .
ويروي البيت الثاني هكذا:
أريد حباءه ويريد قتلي ... واعلم أنه الرجل اللئيم
وبعده:
فإن الخمر من شر المطايا ... كما الحفظان شربني تميم
والنشوان: السكران. والنشوة: السكر. والحليم: الذي عنده تأن.
وتحمّل لما يثقل على النفس. يقول: أنا وأبو حميد كالسّكران والحليم، أتحمّل منه وهو يعبث بي.
كالسّكران يسفه على الحليم وهو متحمّل. وهذا تشبيه تمثيلي. شبّه حالته معه بحالة الحليم مع السّكران.
ينظر: «خزانة الأدب» (١٠/ ٢٠٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>