للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ت: قال البخاريُّ في «جامعه» : يَتَسَنَّهْ: يتغيَّر.

وأمَّا قوله تعالى: وَانْظُرْ إِلى حِمارِكَ، فقال وهْبُ بن منَبِّه وغيره: المعنى: انظر إِلى اتصال عظامِهِ، وإِحيائه جُزْءاً جُزْءاً «١» ، ويروى أنه أحياه اللَّهُ كذلك حتى صار عظَاماً ملتئِمَةً، ثم كساه لَحْماً، حتى كمل حماراً، ثم جاء ملَكٌ، فنفَخَ في أنْفِهِ الرُّوح، فقام الحمارُ ينْهَقُ.

ورُوِيَ عن الضَّحَّاكِ، ووهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ أيضاً أنهما قالا: بل قيلَ لَهُ: وانظر إلى حمارك قائماً في مربطه، لم يُصِبْهُ شيء مِائَةَ سَنَةٍ، قالا: وإِنما العظامُ التي نَظَر إِلَيْها عظامُ نَفْسِهِ، وأعمى اللَّه العُيُون عنه، وعن حِمَاره طُولَ هذه المُدَّة «٢» ، وكثّر أهل القصص في ٦٦ ب صورة هذه النَّازلة تَكْثيراً اختصرته، / لعدم صحته.

وقوله تعالى: وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ، قال ع «٣» : وفي إِمَاتَتِهِ هذه المُدَّةَ، ثم إِحيائِهِ- أعظمُ آية، وأمره كلّه آية للناس غابر الدهر.

ت: قال ابن هِشَامٍ: لا يصحُّ انتصاب «مِائَة» ب «أَمَاتَهُ» لأن الإِماتة سلْبُ الحياة، وهي لا تمتدُّ، وإِنما الوجْهُ أنْ يضمَّن «أَمَاتَهُ» معنى «أَلْبَثَهُ» ، فكأنه قيلَ: فألبثه اللَّه بالمَوْت مِائَةَ عامٍ وحينئذٍ يتعلَّق به الظرف. انتهى من «المُغْنِي» .

ومعنى «نُنْشِرُهَا» ، أي: نُحْيِيها، وقرأ حمزةُ وغيره: «نُنْشِزُهَا» «٤» ومعناه: نرفعها، أي: ارتفاعا قليلاً قليلاً فكأنه وَقَفَ على نباتِ العظامِ الرُّفَاتِ، وقال النَّقَّاشُ: نُنْشِزُهَا:

معناه: نُنْبِتُهَا، ومِنْ ذلك: نَشَزَ نَابُ البعير.


(١) أخرجه الطبري بنحوه (٣/ ٤٢) برقم (٥٩٣٩) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (١/ ٣٥٠) .
(٢) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣/ ٤٢) برقم (٥٩٣٩) بنحوه، عن وهب بن منبه، وبرقم (٥٩٣٩) عن الضحاك، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (١/ ٣٥٠) . [.....]
(٣) ذكره ابن عطية (١/ ٣٥٠) .
(٤) وحجتهم أن العظام إنما توصف بتأليفها وجمع بعضها إلى بعض إذ كانت العظام نفسها لا توصف بالحياة، لا يقال: قد حيّ العظم. وإنما يوصف بالإحياء صاحبها.
وحجة أخرى، وهي قوله سبحانه: ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً دل على أنها قبل أن يكسوها اللحم غير أحياء، فلما قال: ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً علم بذلك أنه لم يحيها قبل أن يكسوها اللحم.
ينظر: «السبعة» (١٨٩) ، و «الحجة للقراء السبعة» (٢/ ٣٧٩) ، و «معاني القراءات» (١/ ٢٢٢) ، و «إعراب القراءات» (١/ ٩٦، ٩٧) ، و «العنوان» (٧٥) ، و «حجة القراءات» (١٤٤) ، و «شرح شعلة» (٢٩٥) ، و «شرح الطيبة» (٤/ ١١٨) ، و «إتحاف فضلاء البشر» (١/ ٤٤٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>