للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صُلْحَه لكُفَّار قُرَيْش في ردِّ النِّسَاءِ إِليهم عامَ الحُدَيْبِية، وذكَرَ النَّقَّاش روايةً أنَّ رسُولَ الله صلّى الله عليه وسلم أَمَرَ أَنْ يُكْتَبَ فِي أَسْفَلِ الكِتَابِ لِثَقِيفٍ: «لَكُمْ مَا لِلْمُسْلِمِينَ، وَعَلَيْكُمْ مَا عَلَيهِمْ» ، فلما جاءَتْ آجال رِبَاهُمْ، بعثوا إِلى مكَّة لِلاقتضاءِ، وكانت على بني المغيرة المخزوميّين، فقال بنو المُغِيرَةِ: لا نُعْطِي شَيئاً فإِن الربَا قد وُضِعَ، ورفعوا أمرهم إِلى عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ بمكَّة، فَكَتَب به إلى رسُولِ الله صلّى الله عليه وسلم فنزلت الآية، وكتب بها رسول الله صلّى الله عليه وسلم إلى عتَّابٍ، فعلمتْ بها ثقيفٌ، فكَفَّت: هذا سببُ الآية على اختصارٍ ممَّا روى ابْنُ إِسحاق، وابْنُ جُرَيْجٍ، والسُّدِّيُّ وغيرهم «١» .

فمعنى الآية: اجعلوا بينكم وبيْنَ عذابِ اللَّهِ وقايةً بترككمْ ما بَقِيَ لكُمْ من رباً، وصَفْحِكُمْ عنه، ثم توعَّدَهُمْ تعالَى، إِن لم يذروا الربَا بحَرْبٍ منه، ومِنْ رسوله، وأمَّته، والحَرّب داعية القَتْلِ.

وقوله تعالى: فَأْذَنُوا قال سِيبَوَيْهِ: آذَنْتُ: أعْلَمْتُ.

ت: وهكذا فسره البخاريُّ، فقال: قال أبو عبد اللَّهِ: فَأذَنُوا، فاعلموا «٢» ، وقال ع «٣» : هي عنْدِي من الأَذَنِ، وقال ابن عَبَّاس وغيره: معناه فاستيقنوا بحَرْبٍ «٤» .

ثم ردَّهم سبحانه مع التوبة إِلى رءوس أموالهم، وقال لهم: لا تَظْلِمُونَ في أخذِ الزائِدِ، ولا تُظْلَمُونَ في أنْ يتمسَّك بشيء من رءوس أموالكُمْ، ويحتمل لا تَظْلِمُونَ في مَطْلٍ، لأن مَطْل الغنيّ ظلم كما قال- عليه الصلاة والسلام «٥» - فالمعنى أنه يكون


(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (٣/ ١٠٧) برقم (٦٢٥٦) ، (٦٢٥٧) عن ابن جريج والسدي، والأثر ذكره ابن عطية في «تفسيره» (١/ ٣٧٤) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (١/ ٦٤٦) ، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن السدي، وعزاه لابن جرير عن ابن جرير.
(٢) ينظر: صحيح البخاري (٨/ ٥٢) ، كتاب «التفسير» ، باب (فأذنوا بحرب من الله) ، حديث (٤٥٤٢) .
(٣) ينظر: «المحرر الوجيز» (١/ ٣٧٥) .
(٤) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١/ ٨) برقم (٦٢٦٥) ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (١/ ٣٧٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (١/ ٦٤٧) ، وعزاه لابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم عن ابن عباس.
(٥) أخرجه مالك (٢/ ٦٧٤) ، كتاب «البيوع» ، باب جامع الدين والحول، حديث (٨٤) ، والبخاري (٤/ ٤٦٤) كتاب «الحوالة» ، باب هل يرجع في الحوالة، حديث (٢٢٨٧) ، ومسلم (٣/ ١١٩٧) ، كتاب «المساقاة» ، باب تحريم مطل الغني، حديث (٣٣/ ١٥٦٤) ، وأبو داود (٣/ ٦٤٠) ، كتاب «البيوع» ، باب في المطل، حديث (٣٣٤٥) ، والنسائي (٧/ ٣١٧) ، كتاب «البيوع» ، باب الحوالة. والترمذي (٣/ ٦٠٠) ، كتاب «البيوع» ، باب مطل الغني ظلم، حديث (١٣٠٨) ، وابن ماجه (٢/ ٨٠٣) كتاب-

<<  <  ج: ص:  >  >>