للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرهن. اهـ.

وقوله: فَلْيُؤَدِّ: أمر بمعنى الوجوبِ، وقوله: أَمانَتَهُ: مصْدَرٌ سُمِّيَ به الشيْء الذي في الذمَّة.

وقوله تعالى: وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ ... الآية: نهي فيه تهديدٌ ووعيدٌ، وخص تعالى ذكْر القَلْب إذ الكَتْم من أفعاله، وإِذ هو البُضْعَةُ التي بصلاحها يصْلُحُ الجَسَدُ كُلُّه كما قال صلّى الله عليه وسلم، وفي قوله تعالى: وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ توعُّدٌ، وإِنْ كَانَ لفظُها يعمُّ الوعيدَ والوَعْدَ.

وروى البزّار في «مسنده» ، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم أنَّهُ قَالَ: «مَنْ مشى إلى غَرِيمِهِ بِحَقِّهِ، صَلَّتْ عَلَيْهِ دَوَابُّ الأَرْضِ، وَنُونُ المَاءِ، ونَبَتَتْ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ شَجَرَةٌ، تُغْرَسُ فِي الجَنَّةِ، وَذَنْبُهُ يُغْفَرُ» «١» اهـ من «الكوكب الدري» .

قوله تعالى: لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ ... الآية: المعنى: جميعُ ما في السمواتِ، وما في الأرض مِلْكٌ له سُبْحَانَهُ.

وقوله تعالى: وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ ... الآية: قوله: مَا فِي أَنْفُسِكُمْ يقتضي قوَّةُ اللفظ أنَّه ما تقرَّر في النفْسِ، واستصحبت الفكْرةَ فيه، وأما الخواطر التي لا يُمْكِنُ دفْعُها، فليسَتْ في النفْسِ، إِلا على تجوُّز.

واختلف في معنى هذه الآية.

فقال عِكْرِمَةُ وغيره: هي في معنى الشهادةِ التي نُهِيَ عن كتمها «٢» ، فلفظ الآية على هذا التأويل: العمومُ، ومعناه الخصوصُ وكذا نقل الثعلبيُّ.

وقال ابن عبَّاس: وأبو هريرة، وجماعةٌ من الصَّحابة والتابعين: إِن هذه الآية، لَمَّا نزلَتْ، شَقَّ ذلك على الصَّحابة، وقالوا: هَلَكْنَا، يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنْ حُوسِبْنَا بخواطر نفوسنا، وشقّ ذلك على النّبيّ صلّى الله عليه وسلم لكِنَّهُ قَالَ لَهُمْ: «أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا، كَمَا قالت بنو إسرائيل: سمعنا ٧٥ ب وَعَصَيْنَا، بَلْ قُولُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا، / فَقَالُوهَا: فَأَنْزَلَ الله بعد ذلك:


(١) أخرجه البزار (٢/ ١١٩- كشف) رقم (١٣٤٢) ، من طريق إسماعيل بن عياش، عن عبد الرحمن بن سليمان، عن أبي سعد، عن معاوية بن إسحاق، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عباس به.
وقال الهيثمي في «المجمع» (٤/ ١٥٢) : رواه البزار، وفيه جماعة لم أجد من ترجمهم.
(٢) أخرجه الطبري (٣/ ١٤٣) برقم (٦٤٥٢) ، وذكره ابن عطية (١/ ٣٨٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>