للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الصلاة. انتهى.

قال زيدُ بْنُ أَسْلَمَ والسُّدِّيُّ: معنى الآية: إذا قمتُمْ من المضاجِعِ، يعني النَّوْمَ «١» ، والقصْدُ بهذا التأويلِ أنْ يعمَّ الأحداث بالذِّكْر، وفي الآية على هذا التأويلِ تقديمٌ وتأْخيرٌ، تقديره: يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة من النومِ، أو جاء أَحدٌ منكم من الغائِطِ، أو لامَسْتُمُ النِّساء، يعني: الملامسة الصغرى فاغسلوا، وهنا تمَّتْ أحكامُ الحَدَثِ الأَصْغَرِ، ثم قال: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا، فهذا حُكْم نوعٍ آخر، ثم قال للنوعين جميعاً: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ ... فَلَمْ تَجِدُوا مَاء فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً، وقال بهذا التأويل محمَّد بْنُ مَسْلمة «٢» مِنْ أصحاب مالكٍ وغيره «٣» .

وقال جمهورُ أهْلِ العِلْمِ: معنى الآيةِ: إذا قمتم إلى الصلاةِ مُحْدِثِينَ، وليس في الآيةِ على هذا تقديمٌ ولا تأْخيرٌ، بل ترتَّب في الآية حُكْمُ واجِدِ المَاءِ إلى قوله: فَاطَّهَّرُوا، ودخلَتِ الملامسةُ الصغرى في قولنا: «مُحْدِثِينَ» ، ثم ذكَرَ بعد ذلك بقوله: وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى ... إلى آخر الآية حُكْمَ عادمِ الماءِ مِنَ النوعَيْنِ جميعاً، وكانت الملامسةُ هي الجماعَ.

وقال ص: إِذا قُمْتُمْ أي: إذا أردتُّم، وعبَّر بالقيامِ عن إرادَتِهِ لأنه مُسَبَّبٌ عنها. انتهى.

ومِنْ أحسن الأحادِيثِ وأصحِّها في فَضْل الطهارةِ والصَّلاة: ما رواه مالكٌ في «الموطَّإ» ، عن العَلاءِ بْنِ عَبْدِ الرحمن «٤» ، عن أبِيهِ، عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم


- وقد فرض الوضوء ليلة الإسراء مع الصلاة، قبل الهجرة، وكان الوضوء أوّل الأمر واجبا لكل صلاة، ثم نسخ ذلك يوم غزوة «الخندق» ، وصار واجبا من الحدث. الباجوري (١/ ٢٠) .
(١) أخرجه الطبري في تفسيره (٤/ ٤٥٢) برقم (١١٣٢٢) عن زيد بن أسلم، (١١٣٢٤) عن السدي، وذكره ابن عطية (٢/ ١٦٠) .
(٢) هو محمد بن مسلمة بن هشام بن إسماعيل أبو هشام، وهشام هذا هو أمير المدينة الذي نسب إليه مد هشام، كان ابن مسلمة من الطبقة الوسطى من أهل المدينة، وكان أفقه فقهاء المدينة من أصحاب مالك فكان ثقة مأمون حجة، جمع العلم والورع، روى عن مالك وتفقه عنده، توفي سنة ست ومائتين هجرية.
ينظر: الديباج المذهب ص ٢٢٧.
(٣) ينظر: ابن عطية (٢/ ١٦١) .
(٤) العلاء بن عبد الرّحمن بن يعقوب الجهني مولى الحرقة المدني، أحد الأعلام. عن أبيه وأنس وعكرمة.
وعنه ابن جريج وابن إسحاق ومالك وخلق. وثقة أحمد. وقال يحيى بن معين: ليس بذاك. وقال النسائي: ليس به بأس. وقال أبو حاتم: صالح أنكر من حديثه أشياء. قال الواقدي: توفي في خلافة المنصور. ينظر: الخلاصة (٢/ ٣١٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>