للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فشرط المال: أنْ يكون نصاباً، بعد خروجه، مملوكاً لغير السارقِ، ملكاً محترماً، تامًّا، لا شُبهة «١» له فيه، مُحْرَزاً، مُخْرَجاً منه إلى ما ليس ...


- عرفها الشافعية: بأنها أخذ المال خفية ظلما، من غير حرز مثله بشروط.
وعرفها المالكية: بأنها أخذ مكلّف حرّا لا يعقل لصغره، أو مالا محترما لغيره نصابا، أخرجه من حرزه، بقصد واحد خفية لا شبهة له فيه.
وعرفها الحنفية: بأنها أخذ مكلف عاقل بالغ خفية قدر عشرة دراهم.
وعرفها الحنابلة: بأنها أخذ مال محترم لغيره، وإخراجه من حرز مثله.
ينظر: «الصحاح» (٤/ ١٤٩٦) ، «المغرب» (١/ ٣٩٣) ، «المصباح» (١/ ٤١٩) ، «تهذيب الأسماء» للنووي (٢/ ١٤٨) ، «درر الحكام» (٢/ ٧٧) ، «ابن عابدين» (٤/ ٨٢) ، «مغني المحتاج» (٤/ ١٥٨) ، «المغني» لابن قدامة (٩/ ١٠٤) ، «كشاف القناع» (٦/ ١٢٩) ، «الخرشي على المختصر» (٨/ ٩١) .
(١) وإلى ذلك ذهب جماهير الفقهاء فلا يقطع الوالد مثلا من سرقته مال ولده.
وخالفهم الظاهرية، وأبو ثور، وابن المنذر فقالوا: يقطع السارق مطلقا: كانت له شبهة في مال المسروق منه أو لا.
استدل جمهور الفقهاء:
أوّلا: بما رواه الترمذي عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن كان له مخرج فخلّوا سبيله فإنّ الإمام إن يخطىء في العفو خير من أن يخطىء في العقوبة» .
وثانيا: بما روي من مسند أبي حنيفة للمارتي من طريق مقسم عن ابن عباس: أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قال: «ادرءوا الحدود بالشّبهات» .
وثالثا: بما رواه ابن ماجة، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ادفعوا الحدود ما وجدتم مدفعا» فهذه الأحاديث صريحة في وجوب درء الحدود بالشبهات. والقطع حد فلا يجب مع وجودها.
واستدل الظاهرية ومن وافقهم: بعموم قوله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما [المائدة: ٣٨] .
فإنه تعالى أوجب القطع من غير تفريق بين من له شبهة في مال المسروق منه، ومن لا شبهة له فيه.
وأجيب عنه بأن عموم الآية مخصوص بالأحاديث التي ذكرناها أدلة لجماهير الفقهاء.
هذا، والحق ما ذهب إليه جمهور الفقهاء فإن القطع عقوبة شديدة فيجب ألا تقام حتى يكون السبب تاما، والاعتداء ظاهرا. ومع وجود شبهة للسارق في مال المسروق منه لا يتحقق ما ذكر، فالقطع حينئذ لا يناسب الجريمة. فوجوبه ظلم حاشا أن يوجد في أحكام الشريعة الإسلامية وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [فصلت: ٤٦] .
لذلك أوجبت الشريعة درء الحدود بالشبهات، ومنعت من إقامتها حتى تتحقق المناسبة بين الجرم، والعقوبة.
غير أن جماهير الفقهاء اختلفوا فيما يعتبر شبهة دارئة للحد، وما لا يعتبر كذلك تبعا لاختلافهم في اعتبار قوة الشبه. وعدم اعتبارها، وانبنى على ذلك اختلافهم في فروع كثيرة من هذا الباب فمثلا: المالكية لا يوجبون القطع في سرقة الأصول من الفروع، ويوجبونه في سرقة الفروع من الأصول نظرا لقوة الشبهة في الأولى دون الثانية. -

<<  <  ج: ص:  >  >>