للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْدِيَهُما يعني: أَيْمانَ النوعَيْن «١» ، والنَّكَال: العذابُ، والنِّكْل: القيد.


- يقتضي أن العشرة الدراهم هي المعتبرة في القطع.
وأجيب عنه: بأن الحديث لا يصلح للاستدلال، فإن الحجاج بن أرطاة مدلس، ولم يسمع هذا الحديث من عمرو بن شعيب.
وثانيا: بما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «لا تقطع يد السّارق فيما دون ثمن المجنّ» : قال عبد الله: وكان ثمن المجنّ عشرة دراهم.
ووجه الدلالة: أن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم نفى القطع فيما ثمنه دون عشرة دراهم بنفيه القطع فيما دون ثمن المجن وأثبته في عشرة دراهم إذ كان ثمن المجن عشرة دراهم كما قال عبد الله.
والحديث صريح في أن العروض تقوم بالدراهم من غير ملاحظة كون الذهب أصلا إذ قوم المجن بها وهو عرض، وأجيب عنه: بأنه لا يصلح للاستدلال لأن في إسناده محمد بن إسحاق وقد عنعن، ولا يحتج بمثله إذا جاء بالحديث معنعنا، وبذلك لا يصلح لمعارضة حديث عائشة في تقدير ثمن المجن بربع دينار، وحديث ابن عمر في تقديره بثلاثة دراهم، ولو سلمت صلاحيته للمعارضة تعين طرحه هو، ومعارضة من الروايات الواردة في تقدير ثمن المجن لعدم ما يدفع به التعارض، ووجب العمل بما تفيده رواية عائشة من إثبات القطع في ربع دينار، وهو دون عشرة دراهم.
ينظر: «حد السرقة» لشيخنا إبراهيم الشهاوي، «نيل الأوطار» (٧/ ١٠٥) ، «المغني» لابن قدامه (١٠/ ٢٤٣) .
(١) اختلف الفقهاء في محل القطع من السارق: فذهب الحنفية، والحنابلة إلى أنه اليد اليمنى، والرجل اليسرى وذهب المالكية، والشافعية: إلى أنه اليدان والرجلان، وذهب داود، وربيعة: إلى أنه اليدان فقط.
وذهب عطاء إلى أنه اليد اليمنى خاصة.
استدل الحنفية، والحنابلة بأدلة: منها ما يخص اليد اليمنى، ومنها ما يعم اليد اليمنى، والرجل اليسرى.
أما ما يخص اليد اليمنى: فقوله تعالى: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما [المائدة: ٣٨] .
ووجه الدلالة: أن المراد بأيديهما: أيمانهما لقراءة عبد الله بن مسعود: فاقطعوا أيمانهما، وهي خبر مشهور مقيد لإطلاق الآية، فالذي يقطع من السارق والسارقة بنص الآية اليد اليمنى، فاليد اليسرى خارجة من إطلاق الآية بهذه القراءة، ولم يثبت في السنة من طريق صحيح تعلق القطع بها في السرقة، فعلم من ذلك أنها ليست محلا للقطع.
وأما ما يعم اليد اليمنى، والرجل اليسرى: فأولا: ما رواه الدارقطني عن علي بن أبي طالب- رضي الله عنه- قال: إذا سرق السارق قطعت يده اليمنى، فإن عاد قطعت رجله اليسرى، فإن عاد ضمنته السجن حتى يحدث خيرا، إني لأستحي من الله أن أدعه ليس له يد يأكل بها، ويستنجي بها، ورجل يمشي عليها.
وثانيا: ما رواه ابن أبي شيبة أن نجدة كتب إلى ابن عباس يسأله عن السارق، فكتب إليه بمثل قول علي.
وثالثا: ما رواه ابن أبي شيبة أن عمر- رضي الله عنه- قال: «إذا سرق فاقطعوا يده، ثم إن عاد فاقطعوا رجله، ولا تقطعوا يده الأخرى، وذروه يأكل بها ويستنجي بها» .
ورابعا: ما رواه ابن أبي شيبة أن عمر- رضي الله عنه- استشار الصحابة في سارق، فأجمعوا على مثل-

<<  <  ج: ص:  >  >>