للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

المهاجرين والأنصار من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا مخالفة هديهم، وفهمهم، والإعراض عن فقههم وآرائهم، بفقه وآراء غيرهم. لأن المخالف لهم لا يكون متبعًا لهم بإحسان، وإن ادَّعى ما ادَّعى.

ولو أن المسلمين سلكوا هذا المسلك، وانتهجوا هذا المنهج؛ لقل فيهم الخلاف، ولكانوا للحقّ أهلاً، ولتحقّق لهم وعد الله بالرضى عنهم، والرضى عنه.

يقول شيخُنا الفاضل العلامة أبو عبد الرحمن عبد الله بن صالح العبيلان - حفظه الله ورعاه- في مقدمة كتابه الماتع "النكت العلمية على الروضة الندية":

"فقد كنتُ أتساءلُ عن الأسباب التي جعلَتْ بعضَ العلماءِ يكونون مَحَلَّ ثِقَةِ وقَبُولٍ عند كافةِ أهلِ العلم -على اختلافِ مذاهبهم-، وأتعجَّبُ من قلَّتِهم وكثرةِ الفقهاء الذين لا يكادونَ يُعْرَفُونَ إلَّا من خلال كتب التراجم، مع صلاحِهم، واستقامتِهم، وربما جهادِهم؛ فَتَبَيَّنَتْ ليَ الأَسبابُ التالية:

أولَا: التجرُّدُ لله -تبارك وتعالى-، وهذا أخصُّ من الإخلاص في العبادة.

الثاني: التجردُ في مُتَابَعَةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -.

الثالث: تعظيم آثار الصحابة - رضي الله عنهم - قولاً وعملاً في فَهْمِ الكتاب والسُنَّة.

الرابع: الإطّلاع الواسع على السُّنَنِ النبوية، والقُدْرةُ على معرفةِ صحيحها من سَقيمِها.

الخامس: المعرفة التَّامَّةُ بآثار الصحابة وفتاواهم، وقرنها بالحديث النبويّ لمعرفة المراد منه.

السادس: العلمُ بقواعد الشريعة ومقاصدها.

السابع: الإلمام بأقوال أهل العلم على اختلاف مذاهبهم.

الثامن: القدرة على التوفيق بين ما يُظَنُّ فيه التعارض عن غيرهم.

التاسع: معرفة الناس على اختلاف طبائعهم.

وإليك بعض الأسباب التفصيلية التي ذكرها شيخ الإسلام، وكانت سببًا في الإعراض عن النصوص والآثار:

يقول شيخُ الإسلام ابن تيمية -رَحِمَهُ اللهُ-: "قلتُ: لفظُ المُجْمَلِ، والمُطْلَقِ، والعامِ؛ كان في اصطلاحِ الأئمة - كالشافعي، وأحمد، وأبي عبيد، وإسحاق، وغيرهم- سواء؛ لا يريدون بالمُجْمَلِ ما لا يُفْهَمُ منه -كما فَسَّرَهُ به بعضُ المتأخرين، وأخطأ في ذلك- بل المُجْمَل: ما لا يكفي وحده في العَمَلِ به،