للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُتَرْجِمُ فيه لأحَد عَشَرَ شَخْصًا، بَدَأها بتَرْجَمَة دَاوُد بن علي نفسه وأنْهَاها بتَرْجَمَة القَاضي أبي الحسَن عَبْد العَزِيز بن أحمد الأصْبَهَانِيّ الخَزَرِيّ الذي "وَلَّاه عَضُدُ الدَّوْلَة قَضَاءَ الرُّبْعِ الأَسْفَلِ من الجَانِبِ الشَّرْقِيّ من مَدِينَة السَّلام وإلى وَقْتِنَا هذا وهو سَنَة سَبْعٍ وسَبْعِين وثَلاث مائة" [٦٧:٢] (١).

واتَّبَعَ النَّديمُ في ذلك، على امْتِدَاد الكِتَاب، أنْمُوذَجَ كُتُبِ "الطَّبَقَات" وهو الأُسْلُوبُ المُسْتَخْدَم في هذا النَّوْع من التَّأليف في عَصْرِ النَّدِيم (٢)، ويَعْكسُ هذا التَّرْتِيبُ بوُضُوحٍ قَصْدَ النَّدِيم في كِتَابه وهو "ذِكْرُ كُتُبِ جَمِيعِ الأُمَمِ … المَوْجُودِ منها بلُغَةِ العَرَبِ … منذ ابْتِداء كُلِّ عِلْمٍ اخْتُرِعَ إِلى عَصْرِنَا هَذا سَبْعٍ وسَبْعِين وثَلاث مائة للهِجْرَة"، أي إنَّه أرَادَ تَتَبُّع نَشْأَة كُلّ عِلْمٍ وتَطَوّره.

ورَغْمَ أنَّ الأَصْلَ عند النَّديم هو ذِكر أسْمَاء المُصَنِّفين وقَوَائِم مُؤلَّفَاتِهم، فإِنَّه يُتَرْجِمُ أَحْيَانًا لشَخْصٍ لا تَصْنِيفَ له، على غَيْر مَنْهَج الكِتَاب، مِثْل: ابن ضَمْضَم الكلابي (١٢٧:١)، والطُّوال النَّحوي (٢٠٣:١) أبي الحَسَن أحمد بن إبراهيم اللُّغَوِيّ أسْتَاذ أبي العَبَّاس ثَعْلَب، قال عنه: "وخَطُّه يُرْغَبُ فيه ولا مُصَنَّفَ له" [٢٤٥:١]، والزَّجَّاج مُعَلِّم وَلَد نَاصِر الدَّوْلَة الذي قال عنه إنَّه "لا يُعْرفُ له كتاب " [٢٦٥:١]، وأحمد بن أبي دُوَّاد المُعْتَزِليّ، واعْتَذَرَ لذلك بأنَّه "من أَفَاضِل المُعْتَزِلَة ومَنْ جَرَّدَ في إظْهَارِ المَذْهَبِ والذَّبِّ عن أهْلِه والعِنَايَة به" [٥٨٩:١]، أو مِثْل ما ذكره في الفَنِّ الخاص بمُتَكَلّمي الخَوَارِجَ، يَقُول: "الرُّؤسَاءُ من هؤلاء القَوم


(١) قارن مع ما ذكره دوين ستيوارت في مقاله D. STEWART، The Structure of the Fihrist: Ibn al - Nadîm as Historian of Islamic Legal and Theological Schools"، IJMES ٣٠ (٢٠٠٧)، pp.٣٦٩ - ٨٧.
(٢) رَاجِع كذلك ما ذَكَرَهُ ابن أَبي يَعْلى في كتاب "طَبَقَات الحَنَابِلَة" (٢٣٨:١) وتَقْسِيمه طَبَقَات الفُقَهَاءِ وطَبَقات الرُّوَاة وطَبَقَات أصْحَاب الأخْبَار والقِصَص وطَبَقَات المُفَسِّرين وطَبَقَات خُزَّان العِلْم وطَبَقَات الحُفَّاظ على سِتَّة نَفَرٍ يُمَثِّل كلٍّ منهم طَبَقَة.

<<  <  ج: ص:  >  >>