للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كثيرٌ، ولَيْس جَمِيعُهم صَنَّفَ الكُتُبَ، ولعَلَّ مَنْ لا نَعْرِفُ له كِتَابًا قد صَنَّفَ ولم يَصِل إلينا، لأنَّ كُتُبَهم مَسْتُورَةٌ مَحْفُوظَة" [٦٥١:١].

وأَوْضَحَ النَّدِيمُ في الفَنِّ الثَّالِث من المَقَالَة الثَّالِثَة عن مَنْهَجِه فِي التَّرْتِيب دَاخِل القُنُون نفسها بقَوْلِهِ: "إِذَا ذَكَرْتُ من المُصَنِّفين إِنْسَانًا أَتْبَعْتُهُ بذكر مَنْ يُقَارِبُهُ ويُشْبِهُهُ وإنْ تأَخَّرَت مُدَّتُهُ عن مُدَّةِ مَنْ أَدْرَكَهُ بَعْدَهُ. وهَذَا سَبِيلي في جَمِيع الكتاب" [١: ٤٥٠].

ورَغْم ذلك فلم يَلْتَزِم النَّدِيمُ دَائمًا بهذا التَّرْتيب وحَادَ عنه مُضْطَرًّا في بَعْضِ الأحْيَان، فبَعْدَ تَرْجَمَة أبي القاسِم جَعْفَر محمَّد الإسْكافي في مَقَالَة المُعْتَزِلَة، أوْرَدَ العُنْوَانَ التَّالِيَ: "ذِكْر قَوْمٍ من المُعْتَزِلة أبْدَعُوا وَتَفَرَّدُوا ثم أَضَافَ: "تَذْكُرُ هؤلاء في هذا المَوْضِع من الزَّمَان، ثم نَعُودُ إلى ذكر المُعْتَزِلَة المُخْلَصين فنُنَسِّقهم على الوَلاء إلى زَمَانِنا هذا وبالله الثِّقَة" [٥٩٤:١]. وعند حَدِيثه على "أَخْبَار فُقَهَاءِ الشِّيعة وأسْمَاء ما صَنَّفُوهُ من الكُتُب" في الفَنِّ الخَامِس من المَقَالَةِ السَّادِسَة يَقُولُ: "هؤلاء مشائِحُ الشِّيعَة الذين رَوَوا الفِقْه عن الأئِمَّة ذَكَرْتُهم على غَيْر تَرْتِيب" [٦٩:٢ - ٧٠].

ولكن من الغَرِيب أنْ يَذكُر النَّدِيمُ مَعْلُومَات في غَايَة الاقْتِضَاب عن مُصَنِّفِين بَلَغُوا شَأوًا كبيرًا في الثَّقَافَة الإسْلامية ولا يُكَلِّفُ نَفْسَهُ حَتَّى بِذِكْر تَوَاريخ وَفَيَاتِهم، مِثْل: محمَّد بن إسْمَاعيل البُخَارِيّ ومُسْلِم بن الحَجَّاج القُشَيْرِيّ وأحمد بن حَنْبَل وعبد الرَّحْمَن بن عَمْرو الأَوْزَاعِيّ، وربما يكون لتَشَيُّع النَّدِيم، أثَرٌ في هذا التَّجَاهل!

وحَرَصَ النَّديمُ على ذِكْر بَعْض مُعَاصِريه الذين تأخَّرَت وَفَاتُهُم على تأريخ تأليف الكتاب، مِثْل: محمَّد بن عِمْرَان المَرْزُبَانيّ (تُوفِّي سنة ٣٨٤ هـ)، وأبي الفَتْح عُثْمَان بن جنِّي (تُوفِّي سنة ٣٩٢ هـ)، والمُعَافى بن زكرِيَّا النَّهْرَواني (تُوفِّي سَنَة

<<  <  ج: ص:  >  >>