للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما أنَّ عَدَدَ الكُتُبِ الضَّخْم الذي سَاقَهُ النَّدِيمُ في كِتَابِهِ لا يُمَثِّلُ دَائمًا كُتُبًا بمعنى الكلمة، وإِنَّما مَعْلُومَات تَدَاوَلَها العُلَمَاءُ لا ككُتُبٍ وإِنَّما كنُصُوصٍ مُتَدَاوَلَةٍ في نِطَاقٍ ضَيِّق، وهي لَيْسَت بالضَّرُورَة كُتُبًا صَادِرَةٌ عَن مُؤَلِّفين وإِنَّما هي، في الأغْلَب، تَقَاييد ثُمَّ تَدَاوُلها في وَسَطٍ ثَقَافِيّ مُعَيَّن، ثم فُقِدَت هذه الكُتُبُ (التَّقاييد) لأنَّها ضُمِّنَت في الكُتُبِ المَوْسُوعِيَّة في العُصُورِ التَّالِيَة (١).

ويُوَجِّهُ النَّدِيمُ اهْتِمامًا خَاصًّا إلى الكُتُب التي وَقَفَ عليها بخُطُوطِ مُؤلِّفِيها (AUTOGRAPHE) وإلى خَزَائِن الكُتُبِ الشَّخصيَّة وأَهَمَ النُّسَخِ المَوْجُودَة بها. فقد كان العُلَمَاءُ المُسْلِمُون يُقَدِّرُون تَمَامًا النُّسَخَ التي بخُطُوطِ مُؤَلِّفيها أو التي عليها خُطُوطُ العُلَمَاءِ، كما أنَّ كِبَارَ الوَرَّاقين أمْثَالَ النَّدِيم وياقُوت الحَمَوي كان بمَقْدُورهم التَّعَرُّف على خُطُوط العُلَمَاء من كَثْرَة تَعَاملهم مع الكُتُب، حتى إِنَّ يَاقُوتًا الحَمويّ كان كثيرًا ما يَسْتَخدِم - وهو يَنْقُل عن خَطِّ عَالِمٍ من العُلَمَاء - عِبَارَة: "ومِنْ خَطِّه الذي لا أَرْتَابُ فيه نَقَلْت" (٢).

فمن النَّسَخ التي رَآها النَّدِيمُ بخُطُوطِ مُؤَلِّفيها: كِتَابُ "تَعْلِيم نَقْضَ المُؤَامَرَات" لابن المَاشِطَة [٤٢١:١]؛ وكِتَابُ "أَشْعَار قُرَيْش" لأبي أحمد بِشْر المَرْتَدِي، رَأى الدُّسْتُور بخَطِّه [٤٠١:١]؛ وكتاب "الخَرَاج" لأحمد بن محمَّد بن سُلَيْمَان بن بَشَّار الكاتِب، رَأى المُسَوَّدَة بخَطِّه نحو ألْف وَرَقَة؛ وكذلك كِتَابُ "الشَّرَاب والمُدَامَة" له، رآه بخَطِّه [٤٢١:١]؛ وكِتَابُ "الدَّلَائِل على التَّوْحِيد من كلام الفَلاسِفَة وغيرهم" ليزْدَجِرْد بن مُهَنْبَدَاذ الكِسْرَوي، كبير رآه بخَطِّه [٣٩٦:١]؛


(١) STEFAN LEDER، op.cit.، p.٢٤
(٢) ياقوت الحموي. معجم الأدباء ٣: ٢٧؛ ٥: ١٠٨؛ ٦: ٦٤؛ ٧: ٢٥٣؛ ٨: ١٥٠، ٩: ٧٧، ١٦: ٧٨، ٩٥، ١٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>