يومًا في سُوقِ الوَرَّاقِين وعَاتَبَهُ النَّدِيمُ على كثرَة نَسْخِه، فأجَابَه يحيى بن عَدِيّ:"لعَهْدِي بنَفْسِي وأنا أكْتُبُ في اليَوْم واللَّيْلَة مائة وَرَقَة وأقلّ"[٢: ٢٠٢]. والوَاضِحُ أَنَّ النَّدِيمَ، في مُسْتَهَلّ شَعْبَان سَنَة سَبْعٍ وسَبْعين وثَلاث مائة، كان قد انْتَهَى من جَمْع مادَّةِ كِتابِه وتَفَرَّغَ لتَبْيِيضه وإخْرَاجِه في شَكْلِ دُسْتُورٍ يُعَوَّلُ عليه، وذلك بالرَّغم من الفَرَاغَات الكثيرَة التي تُقابِلُنا في الدُّسْتُور والتي كان يَوَدُّ أَنْ يَسْتكملها فيما بعد، في الوَقْتِ نفسه لم يتمكن من الحُصُولِ على مَعْلُومَات عن بَعْض المؤلِّفين فاسْتَخْدَمَ بَدَلًا من تَرْك الفَرَاغَات عِبَارَات مثل:"ولا يُعْرَفُ من أمْرِه أكثر من هذا" أو "غَيْر هذا"[١: ٢٣٩، ٢٦١، ٤٢١، ٤٢٧، ٤٣٢، ٤٣٤، ٤٧٣، ٢: ٢٥٦، ٢٩٩] أو "لا يُعْرَفُ غير هذا"[١: ٢٦٣، ٢: ٢٤٨].
ثُمَّ أُتمَّ نَسْخَ ما تَبَقَّى من أَوْرَاقِ النُّسْخَة الدُّسْتُور والتي تُعَادِلُ، في النُّسْخَة المَنْقُولَة عنها، وَاحِدًا وسَبْعين ومائتي وَرَقَة فيما تَبَقَّى من سَنَة سَبْعِ وسَبْعين وثَلاث مائة، وأشَارَ إلى ذلك بالصِّيَغ التَّالِيَة:
٤ - "ويَحْيَا إلى الوَقْتِ الذي بُيِّضَ هذا الكتابُ فيه"[١: ١٨٧].
٥ - "ويَحْيَا إلى وَقْتِنَا هذا بل أحْسَبُهُ مَاتَ قَرِيبًا"[٢: ٣٤٠].
٦ - "وَيَحْيَا إِلى زَمَانِنَا هذا"[١: ٣٥٣].
٧ - " … تُوفي منذ شُهُور"[١: ٤٠٦].
٨ - "ويَحْيَا إِلى وَقْتِنَا هذا وهو سَنَة سَبْع وسَبْعين وثَلاث مائة"[١: ٤٠٧ - ٤٠٨].
٩ - "ووَلَّاهُ عَضُدُ الدَّوْلَة قَضَاءَ الرُّبْعِ الأسْفَل من الجانِب الشَّرْقي من مَدِينَة السَّلام، وإلى وَقْتِنا هذا سَنَة وهو سَبعٍ وسَبْعين وثلاث مائة"[٢: ٦٧].