للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* * *

أمَّا أكثَرُ مادَّة المَقَالَةِ الثَّالِثَة فقد اعْتَمَدَ فيها النَّديمُ على مَصْدَرَيْن رَئيسَيْن: "الطَّبَقَات الكبرى" لمحمد بن سَعْد كاتب الوَاقِدِيّ، المتوفَّى سَنَة ٢٣٠ هـ / ٨٤٥ م (الذي سَيُعَاود الاعْتماد عليه بَعْد ذلك في المَقَالَة السَّادِسَة)، و "المَعَارف" لابن قُتَيْبَة، المتوفَّى سَنَة ٢٧٦ هـ / ٨٨٩ م، وإنْ لم يُصَرِّح به، مع الاحْتِفَاظ أَحْيَانًا بتَرْتيب وُرُود التَّرَاجم عند ابن قُتَيْبَة، وكذلك كِتَاب "التَّاريخ" لأبي بكر أحمد بن زُهَيْر بن أبي خَيْثَمَة، المتوفَّى سَنَة ٢٧٩ هـ/٨٩٢ م [١: ١١٣، ٣٤٠]، وكتاب "الأخْبار الدَّاخِلَة في التَّاريخ" لأبي القاسِم الحِجَازِيّ [٣٢٨:١، ٢: ٢٧، ٣٧] إِضَافَةً إلى قَوَائِم مُؤلَّفات هِشَامِ الكَلْبيّ والمَدَائني التي نَقَلَها من خَطِّ أبي الحَسَن بن الكوفِيّ [٣٠١:١ - ٣٠٥، ٣١٦ - ٣٢٣].

* * *

وأَوْضَحَ النَّديمُ في مُقَدِّمَة المَقَالَة الرَّابِعَة غَرَضَهُ من هذه المَقَالَة، وهو "أنْ يُبِينَ عن ذِكْرِ صُنَّاعِ أَشْعَارِ القُدَمَاء وأسْمَاءِ الرُّوَاة عنهم ولدَوَاوِينهم وأَسْمَاءِ أَشْعَارِ القَبَائِلَ ومَنْ جَمَعَها وأَلَّفَهَا"، وأن يَذْكر فيما يَخُصُّ أشْعَارَ المُحْدَثين "مِقْدَارَ حَجْم شِعْرِ كلِّ شَاعِرِ والمُكْثِر منهم والمُقِلّ" [٤٨٥:١]، وذلك ليَعْرِفَ الذي يُرِيدُ جَمْعَ الكُتُبِ والأَشْعَارِ ذلك ويكون على بَصِيرَةٍ منه. فإذا قال إِنَّ شِعْرَ فُلانٍ عَشْرُ ورَقَات، فإِنَّما عَنَى بالوَرَقَة أَنْ تكون سُلَيْمانِيَّة، ومِقْدَار ما فيها يكون عِشْرين سَطْرًا، أي في صَفْحَة الوَرَقَة، قال ذلك على التَّقْريب وبحَسَب ما رآهُ على مَرِّ الزَّمَان لا بالتَّحْقيق والعَدَدِ الجَزْم [٥٠٢:١].

وما ذَكَرَهُ النَّديمُ في هذه المَقَالَة هو من صُلْبِ عَمَل الوَرّاق، حتَّى ذَهَب بعضُ البَاحِثِين إلى أنَّه كان بسَبِيلِه لإعْدَادِ قائِمَة بَيْعٍ لما تَوَافَرَ في وِرَاقَة وَالِدِهِ مَن دَوَاوِينِ الشُّعَرَاء. ولا شَكَّ أنَّ ما ذكره في هذه المَقَالَة قد رَآهُ بنفسه حتَّى يمكن له أنْ يُحَدِّد حَجْمَه.

<<  <  ج: ص:  >  >>