للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن أهَمِّ فُنُونِ المَقَالَة الخَامِسَة كذلك ما ذَكَرَهُ النَّديم عن مَذَاهب الإِسْمَاعِيلِيَّة وأخْبَار الحَلَّاج. فقد اعْتَمَدَ في ذكر مَذَاهِب الإسْمَاعِيليَّة على كتاب أبي عبد الله بن رِزْام الذي رَدَّ فيه على الإسْمَاعِيلية وكَشَفَ مَذَاهِبهم [٦٦٦:١ - ٦٦٩]، وهو مَصْدَرٌ اعْتَمَدَ عليه كلٌّ من ابن القَارِح في "رسالته" ومحمود بن محمد الملاحِمي في كتاب "المُعْتَمَد في أصول الدِّين" وسَمَّوا مُؤلِّفَه أبا عبد الله محمَّد بن عليّ بن زَيْد المعروف بابن رِزَام الطَّائي الكوفيّ. وفُقِدَ هذا المَصْدَرُ منذ زَمَنٍ، فمؤرِّخُ مصر الإسلامية الشَّهير تَقِيّ الدِّين أحمد بن علي المَقْريزي، المتوفَّى سَنَة ٨٤٥ هـ / ١٤٤٢ م، اعْتَمَدَ في ذكر ما قيل في أنْسَابِ الخُلَفَاء الفاطِميين، في كتابه "اتِّعَاظ الحُنَفَا"، على مجلَّدٍ وَقَفَ عليه يَشْتَمِلُ على بِضْعٍ وعِشْرين كرَّاسَة في الطَّعْنِ على أنْسَابِ الخُلَفَاء الفاطميين تأليف الشَّريف أخي مُحْسِن، ثم أضَافَ بعد ذلك على هَامِش نُسْخَته المكتوبة بخَطّه والمَحْفُوظة الآن بمكتبة غوطا بألمانيا: "وقد غَبَرْتُ زَمَانًا أظُنُّ أنَّه قائِلٌ ما أنا حَاكِيه حتَّى رأيتُ محمَّد بن إسْحَاق النَّديم في كتاب "الفِهْرِسْت" ذَكَرَ هذا الكلام بنَصِّه وعَزَاهُ إلى أبي عبد الله بن رزَام وأَنَّه ذَكَرَهُ في كتابِه الذي رَدَّ فيه على الإِسْمَاعِيليَّة". ونُسْخَةُ "الفِهْرِسْت" التي رآها المَقْريزيّ هي نفسها نُسْخَةُ الأصْل المحفوظَة في مكتبتي شيستربيتي وشهيد علي باشا [فيما يلي ١٠٦ - ١٠٧].

والنَّديم هو أَوَّلُ من ذَكَرَ أنَّ أكثرَ الكُتُب المُصَنَّفَة في عَقَائِد الإِسْمَاعِيلية مَنْسُوبَةٌ إلى الدَّاعِي عَبْدَان وأَنَّ كُلَّ مَنْ عَمِلَ كتابًا نَحَلَهُ إِيَّاه [٦٦٧:١، ٦٧١]، ووَقَفَ على "فِهْرِسْت" يحتوي على ما صَنَّفَهُ من الكُتُب وإِنْ أَضَافَ أَنَّ ما ذَكَرَهُ من أسْمَاء هذه الكُتُب بُلْغَة هي الموجودة والمُتدَاوَلَة، أمَّا باقي ما في "الفِهْرِسْت" فقَلَّ ما رَآهُ أو عَرَّفَهُ إِنْسَانٌ أَنَّه رَآه [٦٧٢:١] وذلك لأنَّ كُتُبَ الإِسْمَاعِيلِيَّة كانت مَسْتُورَةً منذ بدايَات المَذْهَب. وانْتَقَدَ النَّدِيمُ "البَلاغَاتِ السَّبْعَة" للإِسْمَاعِيلية، وهي التي سَمَّاهَا المَقْريزيُّ "مَنَازِل الدَّعْوَة"، وقال: "قد قَرَأْتُه ورَأَيْتُ فِيهِ أَمْرًا عَظِيمًا من إباحَة المَحْظُورَات والوَضْعِ من الشَّرَائِع وأصْحَابِها"، [فيما يلي ٦٧٢:١].

<<  <  ج: ص:  >  >>