للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وواضِحٌ ممَّا وَرَدَ في هذه المَقَالَة أنَّ النَّدِيمَ اسْتَمَدَّ بَعْضَ مَعْلُومَاته فيها من مُجَالَسَة العُلَمَاء، وعلى الأخَصِّ مَجْلِس أبي القَاسِم عيسى بن عليّ، فيَذْكُر أَنَّه سَأَلَ أبا الخيَرْ الحَسَن بن سَوَّار بن الخَمَّار بحَضْرَة أبي القَاسِم عيسى بن عليّ عن أوَّلِ من تكلَّمَ في الفَلْسَفَة، فأجَابَهُ بما سَجَّلَه في كتابه [٢: ١٥٢ - ١٥٣].

واعْتَمَدَ النَّديمُ في هذه المقالة على الكثير من الكُتُبِ اليونانية المَنْقُولَة إلى العربية والتي كانت شَائِعَةً دون شَكّ في بَغْدَاد في ذلك الوَقْت، مثل: كتاب "مَرَاتِب قِرَاءَة كُتُبِ فلاطُن وأسْمَاء ما صَنَّفَه" لثَاوُن THEON ، وكتاب "الآرَاء الطَّبِيعِيَّة" لفلُوطَرْخُس PLUTARCHUS وكتاب "أخْبَار أرِسْطاطالِيس" لبَطْلَمْيوس الغَرِيب، إضَافَةً إلى "تاريخ الأطبَّاء والفَلاسِفَة" لإسْحَاق بن حُنَيْن بخَطِّه.

ووَجَد النَّديمُ تَسْمِيَة مَنْ فَسَّرَ كُتُبَ أَرِسْطاطالِيس في المَنْطِق وغيره "على ظَهْر جزءٍ بخطٍّ عَتِيق" [٢: ١٨٢].

أمَّا أبو زكريا يحيى بن عَدِيّ فذَكَرَ النَّدِيمُ أنَّه انْتَهَت إليه رِئَاسَةُ أَصْحَابه في زَمَانه، وكان يَلْتَقي به في سُوقِ الوَرَّاقين وكان كثيرَ نَسْحَ الكُتُب وكَتَبَ من كُتُبِ المتكلِّمين ما لا يُحْصَى، وذَكَرَ له أنَّه كان يَكْتُبُ في اليوم واللَّيْلَة مِائَة وَرَقَة وأقلّ، [٢: ٢٠٢] وقد نَقَلَ النَّديمُ من خَطِّه فَوَائِد في مَوَاضِع مُتَعَدِّدَة [٢: ١٧٨] وعلى الأخَصّ من "فِهْرِسْت كُتُب أرِسْطاطالِيس" [٢: ١٦٨، ١٦٩، ١٧٠، ١٧١].

وتَحَدَّثَ النَّديمُ في أوَّل الفَنِّ الثَّاني، الخاصّ بالمُهَنْدِسين والأرِثْمَاطِيقيين وصُنَّاع الآلات وأصْحابِ الحِيَل، عن كتاب "أصُول الهَنْدَسَة" لأُقْلِيدس وذَكَرَ أَنَّه رأى منه المَقَالَة العَاشِرَة بنَقْلِ أبي عُثْمَان الدِّمَشْقِيّ بالمَوْصِل في خِزَانَة علي بن أحمد العِمْرَانيّ [٢: ٢٠٨]، ثم حَدَّثَه نَظِيفُ القَسَّ الرُّوميّ المُتَطَبِّب أَنَّه رأى المَقَالَة العَاشِرَة رومي، وهي تَزيدُ على ما في أيْدِي النَّاس أرْبَعين شَكْلًا، والذي بأيْدي النَّاس مِائَة وتسعة أشْكال وأنَّه عَزَم على إخْرَاج ذلك إلى العَرَبي [٢: ٢٠٩] ثم أَوْرَدَ ما ذكره

<<  <  ج: ص:  >  >>