للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا المَقَالَةُ الثَّامِنَةِ التي خَصَّصَها لكُتُب الأسْمَار والخُرَافَات فَوَاضِحٌ أَنَّ أَسْمَاء الكُتب الوَارِدَة بها تُعبِّر عن ما كان مُتَدَاوَلًا في سُوقِ الوَرَّاقين ببَغْدَاد، ولم يكن النَّديمُ بحَاجَةٍ إلى نَقْلها من أي مَصْدَر.

* * *

وتَخْتَلِفُ المادَّةُ التي تشتمل عليها المَقَالَةُ التَّاسِعَةُ، الخَاصَّة بالمَذَاهِب والاعْتِقَادَات القَدِيمَة، في طَرِيقَة عَرْضِها عن بَقِيَّة مادَّةِ الكتاب، وتَطَلَّبَت من النَّديم الرُّجُوعَ إلى مَصَادِر غير تَقْلِيدِيَّة لم يَعْتَمِد عليها إِلَّا المُؤَلِّفُون الذين اهْتَمُّوا بدِرَاسَة العَقَائِد القَدِيمَة والفِرَقِ غير الإسلامية مثل: القاضي عبد الجَبَّار والبِيرُوني. وتُقَدِّمُ لنا هذه المَقَالَةُ بالفِعْل مَادَّةً غَنِيَّةً لا تُوجَدُ في أيّ مَصْدَرٍ آخَر، فقد اعْتَمَدَ فيها النَّديمُ على المُؤَلَّفات الأصْلِيَّة للصَّابِئَة الحَرْنَانِيين، وعلى مُؤلَّفات مَاني نفسه التي عَرَضَ فيها عَقِيدَة المانَوِيَّة وَشَرائِعَهم، وكذلك على مَصَادِر لم تَصِل إلينا عن المَرْقِيونِيَّة والدَّيْصانِيَّة والمَزدَكية والخُرَّمِيَّة البَابَكِيَّة.

فاعْتَمَدَ النَّديمُ في عَرْضِه لمَذْهَب الحَرْنانِيَّة أَوَّلًا على ما نَقَلَهُ من خَطِّ أحمد بن الطَّيِّب السَّرَخْسِي رِوَايَةً عن أستاذه الكِنْدِيّ، ورُبَّما كان ذلك من رسالته في "وَصْفِ مَذَاهِب الصَّابِئِين" التي اعتمد فيها على كتاب أسْتَاذِه الكِنْدِي الذي ذكر فيه "مَذَاهِب الصَّابِئَة الحرَّانيين (الحَرْنانيين) " [٢: ٣٥٧ - ٣٦١]، وهو كتابٌ رآه المَسْعُودي ونَقَلَ منه في "مُرُوج الذهب" (١). وخَتَمَ هذا العَرْض بذكر قَوْلِ الكِنْدِيّ: إِنَّه نَظَرَ في كتابٍ يَقْرَأه هؤلاء القَوْم، وهو "مَقَالات لهِرْمِس في


(١) المسعودي: مروج الذهب ٣٩٤:٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>