واقتصر على إقراء الحديث والتفسير فكان إماماً فيهما، وله تفسير جليل وصل به إلى سورة تبارك الملك وهو من أبدع التفاسير. وله تآليف مفيدة في فنون شتى، منها كتاب الفرق بين الأغنياء المغنيين والفقراء المضطرين، وما يجب في ذلك على الولاة الآمرين وعلى جميع المسلمين، وهو فيما يجب للفقراء في أموال الأغنياء، وكتاب في الوباء وضعه على حديث «إذا نزل الوباء الخ». وعقيدة وشرح الأحكام، وأرجوزة في علم الأصول مفيدة قريبة المرام أولها:
الحمد لله العلي الأعلى ... رب العوالي والعلا والسفلى
وملك الدنيا ويوم الدين ... ومبدع الخلق بلا معين
أحمده حمداً يوازي فضله ... فليس شيء في الوجود مثله
ولد سنة ٥٧٧ وتوفي سنة ٦٥٥.
[محمد بن قاسم التميمي]
من أهل فاس يكنى أبا عبد الله، سمع من ابن حنين وغيره، ورحل إلى المشرق رحلة حافلة، أقام فيها خمسة عشر عاماً، ولقي نحواً من مائة شيخ أكثر من الرواية عنهم وتوسع في السماع منهم، وأجاز له بعضهم. ومن أعلامهم أبو طاهر السلفي وأبو عبدالله الحضرمي وأبو محمد بن بري وأبو القاسم البوصيري وسواهم. وجمع في ذلك فهرسة كبيرة سماها بالنجوم المشرقة في ذكر من أخذت عنه من كل ثبت وثيقة، واختصر منها جزءاً اقتصر فيه على مسموعه من أكثرهم دون استيفاء أسمائهم، ومن مصنفاته أدب المريد ورسالة الحنين إلى الأوطان، واللمعة في ذكر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وأولاده السبعة والإنابة في ذكر طريق أهل الاستجابة، والمستفاد من مناقب العباد والزهاد بمدينة فاس وما يليها من البلاد وغير ذلك. وكان من رجال الحديث والمعرفة بتراجم الرجال، ومن أهل التصوف والصلاح، وحدث بالمشرق والمغرب. وممن أخذ عنه ابن الكردبوس وابن عربي وتوفي ببلده في حدود سنة ٦٠٤.