للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في مسائل النكاح والطلاق تورّعاً منه وخيفة التورط في أمر استحلال الفروج، وإنما كان غالب أجوبته في مسائل الاعتقاد وأحوال المعاش والمعاد، وانتصر لسنّة القبض في الصلاة في ذلك الوقت الذي كان جل الاعتماد فيه على الفرعيات المنقولة عن علماء المذهب، من غير رجوع إلى الأصول الثابتة والسنّة الصحيحة؛ فكان ذلك من أعلام تجديده وترفعه عن التقليد والأخذ بالمسلمات. أخذ عن عبد القادر الفاسي والحسن اليوسي وعبد السلام القادري وأضرابهم وأخذ عنه ابن الطيب الشرقي وكثيرون غيره. وكان عظيم الهيبة حسن السمت، بادي الوقار؛ كريم الأخلاق، متحبباً إلى الناس بهي الطلعة، يود رائيه أن لا يحدر منه طرفه. ألف رسالة نصرة القبض والرد على من زعم عدم مشروعيته في النقل والفرض، وصرف الهمة إلى تحقيق معنى الذمة، والقول الكاشف عن حكم الاستنابة في الوظائف وغير ذلك. وكانت وفاته عام ١١٣٦.

أبو علي بن رَحّال

أبو علي الحسن بن رحال المعداني المكناني، حافظ المذهب المرجوع إليه في الفتوى والقضاء. كان له اتساع عظيم في النوازل، وعارضة قوية في الفقه، تولى تدريس المدرسة المتوكلية من طالعة فاس فكان يجلس عند طلوع الشمس ويتمادى إلى الزوال، لا يضجر ولا يمل مع كثرة ما يلقى إليه من الأسئلة والأبحاث؛ فيجيب لا يعجزه شيء من ذلك، حتى دعي صاعقة العلوم، وقد ولي قضاء فاس الجديد وقضاء مكناس وبها توفي في رجب سنة ١١٤٠ هـ. له شرح عظيم على المختصر في ستة عشر مجلداً وحاشية على شرح الخرشي عليه، وحاشية على شرح ميارة على التحفة، وكتب أخرى في مسائل مختلفة وهي كلها في غاية التحرير والإتقان والجمع والتحصيل. ويحدثنا ابن الطيب القادري عن أخلاقه فيقول: إنه كان كثير الإنصاف، شديد التواضع، سليم الصدر، كريم النفس، بعيداً عن التصنع، مصيباً في كلامه، مفضالاً جواداً؛ وكان كثير العيال والأولاد، لأنه مطلاقاً مزواجاً، عظيم النفقة لذلك، رحمه الله.

<<  <  ج: ص:  >  >>