للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولدها فخاصمته وعيرته بالجهل، فأنف لذلك وسار من غير علم أبويه يريد العلامة المختار بن حبيب فوصل إليه وشرع أولاً في قراءة الأجرومية عليه. ولم يزل يترقى به الحال حتى بلغ ما بلغ من المكانة العالية في علم العربية، وصار رُحلة وقته وإقليمه، فكان الناس ينثالون إليه من كل وجهة وقبيل. وأخذ عنه من لا يحصى عدداً، وتنافست القبائل في إقامته عندها لينشر فيها ما عنده من العلم وخاصة علم النحو والكلام، لأنهما كانا بضاعته المتوافرة. وكان الطلاب قبله لا يتجاوزون ما في ألفية ابن مالك، وشروحها مع عدم معرفة الخطة التي يمكن بها للطالب أن يخزن في ذهنه بها ما يكون قريب التناول عند الحاجة إلى ذلك، حتى نظم لهم ما تخلف عن الألفية مما تضمنه التسهيل، وألصق كل شذرة بما يناسبها، وضم إلى ذلك طُرّته المفيدة، وأتى على كل مسألة بالشواهد من كلام العرب. وهذا النظم هو المعروف بالاحمرار لأنه مزجه بالألفية مزجاً جيداً وكتبه بالحمرة للفرق بينه وبين نظم ابن مالك واستدرك عليه أبواباً عدة كالقسم وجوابه، والتسمية بلفظ كائناً من كان وتتميم الكلام والإلحاق ومخارج الحروف والهجاء وغير ذلك مما جعل عدد أبياته ضعف عدد الألفية، وزيادة مع إحكام النظم وتنسيقه بحيث تحسبه من الأصل لا فرق بينه وبينه. ولابن بونة كتب أخرى غير الاحمرار، وكان حياً في أوائل القرن الثالث.

الرُّهوني

أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن يوسف الرهوني الوزاني، الإمام العلامة الحافظ المتقن. اشتغل بقبيلته رُهونة، ولما أكمل دراسته طلب التعليم بوزّان فبقي هناك مدة، ثم ذهب إلى فاس لمواصلة القراءة بها فتخرج في الفقه على مشاهير رجالها. ورجع لوزان وبها ألّف حاشيته المشهورة على بناني، مُحَشّي الزرقاني. قال في الفكر السامي: «وهي أهم كتبه، دلت على فضله وتمكنه من علم الفقه، فضل تمكُّن فلقد أجاد فيها كلّ الإجادة، وأفاد أحسن الإفادة، وسلك في التحقيق طريقاً صريحاً، ومهيعاً صحيحاً، ينقُل كلام المتقدمين الذي هو الأصل بلفظه مما دلّ على نشاطه في الاطلاع وثقوب حفظه، وبسبب ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>