للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

برابر ملوية؛ نابغة علماء هذا العصر ومن أفضل المحققين بالعلوم العقلية والنقلية على سبيل العموم. تخرج بأهل الدلاء وجال في المغرب؛ فدخل سجلماسة ودرعة وسوس ومراكش ودكالة وأخذ بها عن مشائخ عدة ذكرهم في فهرسته؛ ثم القى عصا التسيار بالزاوية الدلائية، فكف فيها على نشر العلم حتى أوقع مولاي رشيد بأهلها، فنقله إلى فاس. وهنالك أقبل إليه طلبة العلم وتزاحموا على بابه، فتصدر للتدريس بالقرويين فلم يتخلف عن مجلسه إلا القليل من منافسيه.

ثم خرج إلى البادية فاستوطن قبيلته، ودرس بها العلوم الدينية والأدبية، فانتشرت عنه فنون المعارف في قبائل المغرب، ولم يأل جهداً في التعليم والإرشاد والإصلاح والتذكير، إذ كان على قدم السلف الصالح في حسن الهدي وإقامة شعائر الدين حتى قال فيه عصريّه العلامة أبو سالم العياشي:

من فاته الحسن البصري يدركه. . . فليصحب الحسن اليوسي يكفيه

وكان أبو علي أديباً عبقرياً راوية للشعر، يستحضر ديوان المتنبي وأبي تمام والمعرّي وقصائد كثيرة لغيرهم، كل ذلك على طرف لسانه. وهو نفسه شاعر مجيد مكثر، الشعر عنده أسهل من النفس، بل كان يقول: لو شئت أن لا أتكلم إلا بالشعر لفعلت. وديوان شعره معروف، وقد عملنا منتخباً منه. وله كتاب المحاضرات وزهر الأكم في الأمثال والحكم والقانون في ابتداء العلوم، وكلها كتب نفيسة مفيدة وغيرها. وتوفي سنة ١١٠٢ هـ.

[المسناوي]

أبو عبدالله محمد بن أحمد المسناوي الدلائي الفاسي العلامة الكبير أحد أركان الكلية القروية وممن نفخ فيها روح التجديد، وقام بنهضة علمية صحيحة، كان راسخ القدم في علوم العربية والفقه والحديث والتفسير والكلام، آية في الحفظ والإتقان، قد أُعطي الملَكة العجيبة في التدريس والعارضة القوية في الفتوى فأصبح الحجة الذي لا ينقض قوله، ولا يكون الرجوع إلا إليه، على أنه كان يتحرى الجواب

<<  <  ج: ص:  >  >>