للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكبير سنة ١٠٠٧ وبه نشأ، ثم رحل إلى فاس في طلب العلم واستقر بها وتصدر للتدريس فعظم النفع به، وكثر الأخذ عنه، وقد وقع الأطباق من مشائخ عصره على تحققه بسائر العلوم. ولا تجد عالماً أو متعلماً إلا وهو من تلامذته أو تلامذتهم.

وكان متمسكاً بالسنة، ورعاً زاهداً، له قدم راسخ في العبادة وقيام تام على نوافل الخير. ومع سعة علمه وطول باعه في الفنون، لم يؤلف كثيراً وإنما ترك بعض آثار هي بالنسبة لعلمه الغزير كغيض من فيض، ونقطة من بحر، وهي العقيدة والفقهية المشهورتان، وأجوبة مسائله، ونحو ذلك، وتوفي سنة ١٠٩١ هـ.

الرّودَاني

أبو عبد الله محمد بن سلمان الروداني السوسي، العلامة الجامع الفيلسوف الفلكي البارع. ولد بتارودانت سنة ١٠٣٧ وبها نشأ. وحين بلغ سن الرشد تاقت نفسه للتعليم فخرج وقرأ بدرعة. ثم رحل إلى سجلماسة ومراكش فأتقن طرفاً من علم الحكمة والهيئة والمنطق، إلا أنه لم يقض وطره من ذلك؛ فرحل لفاس بقصد تتميم الدراسة، ثم سار إلى الجزائر فأخذ بها عن شيوخها وحج وجاور بالمدينة المنورة وأخذ عن علماء مصر والشام؛ فامتلأ وطابه من المعارف، وأصبح كما يقول الحي في الخلاصة فرد الدنيا في العلوم، المالك للمجهول منها والمعلوم وكانت له يد صناع في كثير من الحرف والصنائع، كالطرز العجيب والتسفير والخرازة والصياغة وجبر قوارير الزجاج المكسرة وعمل الإسطرلاب، وابتدع آلة نافعة في علم التوقيت والهيئة لم يسبق إليها، وهي كرة مستديرة الشكل منعمة الصقل مدهونة بالبياض المموه بدهن الكتان يحسبها الناظر بيضة من عسجد لإشراقها مسطرة كلها دوائر ورسوم، قد رُكّبت عليها أخرى مجوّفة منقسمة نصفين، فيها تخاريم وتجاويف لدوائر البروج وغيرها، مستديرة كالتي تحتها مصقولة مصبوغة بلون أخضر، فيكون لها ولما يبدو من التي تحتها منظر رائق وهي تغني عن كل آلة في فن التوقيت والهيئة، مع سهولتها لكون الأشياء فيها محسوسة والدوائر المتوهمة مشاهدة وتخدم لسائر البلاد على اختلاف أعراضها وأطوالها. وقد ألف هو رسالة

<<  <  ج: ص:  >  >>