لك من حمر النعم». وكان كثيراً ما يحض على فهم مدلول الشهادة بل اتخذ ذلك هجيراه، لما رأى من استيلاء الجهل على الخلق، وألّف في علم الهيللة أجزاء كثيرة أكبرها جرماً وأكثرها فائدة كتاب الإشادة بمعرفة مدلول كلمة الشهادة، وكانت سيرته الذكر والذكرى وبذل النصيحة لكافّة الورى.»
وله أيضاً ألفية عامرة الأبيات بالنصح والإرشاد وذمّ البدع الشائعة في الوقت وما عليه متصوفة الزمان من المنكرات والمحظورات، ونظم في العدة معروف وغير ذلك. وتوفي عام ٩٦٣ هـ.
ابن خجّو
هو أبو القاسم بن علي بن محمد بن خجّو الخلّوفي الحسّاني، الفقيه شيخ السنة وأحد العلماء الناصحين. درس بفاس على مشاهير العصر العلامة ابن غازي والشيخ زروق وأضرابها، وكان صوفياً فاضلاً متورعاً سالكاً نهج الحق شديد الشكيمة على أهل البدع، آمر بالمعروف ناهيك عن المنكر، باذلاً في نصرة السنة غاية مجهوده لا يبالي من خالفه، منصفاً عديم المثال في جدّه واجتهاده وعِلمه وعمله.
له كتب غاية في التحرير والإتقان، وكلها تدور على محور الإصلاح الديني والإرشاد التعليمي والنصح الممحوض، منها كتاب الغنيمة وكتاب ضياء النهار وكتاب النصائح وشرح نظم الهبطي في العدة وشرح نظم بيوع ابن جماعة للسنوسي وغير ذلك. وفي شرحه لنظم البيوع ذكر جملة من البدع الشائعة في عصره فاستغرق ما ينيف عن الأربعين صفحة في عدّها واستنكارها.
وكان السلطان محمد الشيخ السعدي، لما صفا له ملك المغرب ودخل فاس بعث إلى سائر أهل الفقه والعلم أن يحضروا عنده، فكان من جملة من حضر أبو القاسم فأعجب به السلطان كثيراً وأجلّه وأكرمه، ورغب إليه في الإقامة بفاس فأجاب طلبه وقال فيه:(ما رأيت أفضل منه علماً وصلاحاً.) وتوفي سنة ٩٥٦ هـ.