الموحدين للبيدق والذيل على صلة ابن بشكوال لابن فرتون وكتب ابن عبد الكريم التميمي وغيرهما مما يأتي مستوفي في تسمية الكتب المؤلفة في هذا العصر على العموم. ولكن ما لا بد أن ننبه عليه هنا، ونحن نؤرخ الحركة الأدبية في المغرب، هو المؤلفات الخاصة بالأدب وتاريخه. ولقد كاد كتاب المعجب أن يكون تاريخ أدب أكثر منه تاريخ سياسة. والسبب في ذلك أن المراكشي السفه في المشرق ليطلع أهله على ما خفي عنهم من شؤون أهل المغرب السياسية والأدبية. وهكذا أيضاً ألف أبو الخطاب بن دحية، المطرب، من أشعار أهل المغرب، وهو إن يكن كسلفه مليئاً بأدب الأندلس ليس فيه من آثار أهل المغرب إلا القليل، فكفانا أنها مع أثران مغربيان ينمان عن أدب صاحبيهما وعبقريتها.
وإن ننس لا ننس كتاب صفوة الأدب، وديوان العرب، الذي ألفه الشاعر أبو العباس الجراوي على وضع كتاب الحماسة لأبي تمام وضمنه مختارات من الشعر العربي في مختلف أبوابه، ولم يغفل أن يضم إليه من شعر الأندلسيين والأفارقة ما جعله يمتاز عن حماسة أبي تمام. ويعرف بالحماسة المغربية. وقد وصلنا مختصره الذي أطلعنا منه على غزارة حفظ مؤلفه وحسن صنيعه. وبالجملة فإن نهضة علوم الأدب في هذا العصر كانت شاملة. وما يمنعنا من تتبع مظاهرها إلا خشية التطويل، ويأتي مزيد بيان لها في الكلام على الحياة الأدبية.
***
[العلوم الحكمية]
وأما العلوم الحكمية فإنها انتشرت انتشاراً كبيراً لم تبلغه في أي عصر آخر، حتى لقد كان هذا عصرها الذهبي في المغرب، وكان الموحدون، والحق يقال، أشبه الدول الإسلامية بالعباسيين في الأخذ بضبع هذه العلوم وتنشيط رجالها لكن أربى عليهم في ذلك كإرباء المأمون على سائر العباسيين يوسف بن عبد المؤمن؛ فهو مأمون هذه الدولة الذي ناصر علوم الفلسفة ووالي أهلها. وكان هو نفسه متحققاً بكثير من أجزائها مشاركاً في جملة من فنونها. ويقول المراكشي إنه استظهر من الكتاب الطبي الملكي أكثره مما يتعلق بالعلم خاصة دون العمل. ثم تخطى ذلك إلى ما هو