للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكيان مثل كتاب المعجب، فضلاً عن إنها لم تصلنا وعن كونها بأقلام غير مغربية إذا استثنينا كتاب المدارك. ومما يسجل بغاية الإعجاب للعلماء المغاربة من هذا العصر، هذا النوع من التأليف في السيرة النبوية الذي يعد حدثاً بديعاً فيها؛ وهو المتعلق مولد الرسول صلى الله عليه وسلم. فقد كان العزفيون رؤساء سبتة (١) قد أحدثوا فيها الاحتفال بالمولد الشريف، ولم يكن ذلك معروفاً في المغرب ولا في غالب الأقطار الإسلامية. وألف كبيرهم العلامة أبو العباس أحمد بن محمد كتاب الدرة المنظم في مولد النبي المعظم، الذي اكمله ولده الرئيس أبو القاسم فجاء في مجلد كبير. وفي مقدمة هذا الكتاب يشير أبو العباس إلى سبب إحداثهم لذلك ويقارن بين احتفال النصارى بعيد الميلاد المسيحي ومشاركة المسلمين لهم في ذلك وإهمالهم لمولد نبيهم (ص) وهو مع قراره بأن هذا العمل بدعة لم يكن على عهد السلف الصالح رضوان الله عليهم؛ فإنه يجعله من البدع المستحسنة استناداً لقول عمر (رض) في الاجتماع على تراويح رمضان بعمت البدعة هذه ويخرجه على حديث أنس (رض) كان لأهل الجاهلية يومان في كل سنة يلعبون فيهما. فلما قدم النبي (ص) المدينة قال: كان لكم يومان تلعبون فيهما قد أبدلكم الله بهما خيراً: يوم الفطر ويوم النحر. وذلك لأنه أراد بهذا العمل أيضاً صرف المسلمين ولا سيما الصبيان عن الاحتفال بالأعياد المعظمة في الأديان الأخرى، حتى لا ينشأوا على تعظيم تلك الأديان، الذي ربما أدى بهم إلى الكفر، والعياذ بالله. والكتاب على كل حال مهم في بابه، وليس هو الوحيد الذي وضعه علماؤنا في الموضوع، فإن لأبي الخطاب بن دحية السبتي أيضاً كتاب التنوير في مولد السراج المنير، ألفه للملك المعظم أبي سعيد التركماني صاحب إربل لما قدم عليه فوجده يحتفل بالمولد الشريف كما يفعل أهل بلده سبتة. وينفق في ذلك أموالاً عظيمة، فوضع له الكتاب المذكور وقرأه في أثناء الاحتفال، فأعطاه ألف دينار جائزة عليه، وأخذه عنه فسمعه منه الناس بعد ذلك. وممن سمعه منه المؤرخ ابن خلكان كما يذكر ذلك في كتابه وفيات الأعيان. على أن الكتب في التاريخ والسير غير ما ذكرنا كثيرة وأخصها كتاب النبراس في تاريخ بني العباس لأبي الخطاب بن دحية، وتاريخ


(١) بيت العزفيين كان من بيوتات سبتة النبيلة وكان لهم بها رئاسة علمية وسياسية ابتدأت من العصر واستمرت إلى عصر المرينيين. ويأتي ذكرهم بمناسبته.

<<  <  ج: ص:  >  >>