للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان يؤمل الفرار ويرتجيه، ويسبح طامعاً في الخروج إلى ما ينجيه، اختطفته الأسنة اختطافاً، وأذاقته موتا زعافاً، ومن لج في الترامي على لججه، ورام البقاء في ثبجه، قضى عليه شرقه، وألوى بذقنه غرقه، ودخل الموحدون إلى البقية الكائنة فيه يتناولون قتلهم طعناً وضرباً، ويلقونهم بأمر الله تعالى هولاً عظيماً وكرباً، حتى انبسطت مراقات الدماء، على صفحات الماء، وحكت حمرتها على زرقته حمرة الشفق على زرقة السماء، وجرت العبرة للمعتبر، في جري ذلك الدم جري الأبحر.

[توقيع المنصور الموحدي على كتاب الفونش]

كان المنصور الموحدي حسن التوقيع جداً يضرب به المثل في ذلك وكتب إليه الفونش حين كان يستعد لغزوة الأرك الشهيرة يتوعده ويهدده ويطلب إليه أن يبعث بقطع من أسطوله ليجوز هو إلى محاربته في عقر داره ويكفيه مؤونة الحركة فلما وصل كتابه إلى المنصور مزقه وكتب على ظهر قطعة منه «ارجع إليهم فلنأتينهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجهم منها أذلة وهم صاغرن» ثم كتب «الجواب ما ترى لا ما تسمع» وأنشد متمثلاً:

ولا كتب إلا المشرفية والقنا. . . ولا رسل إلا الخميس العرمرم (١)


(١) البيت للمتنبي، والمشرفية السيوف والقنا الرماح والخميس العرمرم الجيش الكثيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>