للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقصد الوزير المذكور، وشكا إليه القاضي. وحجته أن هذا مما لا يعامل به سفراء الدول، فكاد الوزير أن يوقع بالقاضي لولا أن حال السلطان بينه وبينه. وحمل ذلك الوزير على شق عصا الطاعة، والائتمار على خلع السلطان، غير أن كيده رجع في نحره.

أخذ أبو الحسن عن راشد الفاسي، وعنه الجم الغفير. ودخل الأندلس سفيراً فتهافت الأكابر للأخذ عنه، وطلب منه التدريس في غرناطة ففعل، وبهت الناس من حفظه. وله كتب منها مجموعة الدر النثير في النوازل والأحكام، وتقعد على المدونة في عدة مجلدات. وكان في أيام طلبه قيد على الرسالة تقييداً نبيلاً، ثم قيدت عنه بمجلسه عليها وعلى التهذيب تقاييد كثيرة متداولة بأيدي الفقهاء، فلذلك ما اختلفت نسخها وكانت وفاته سنة ٧١٩ هـ.

[القباب]

هو الفقيه الإمام الحافظ، أبو العباس أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن الجذامي الفاسي شهر بالقباب، كان أحد صدور الفقهاء في عصره من حفاظ مذهب مالك، وأئمة الدين والورع. درس العلم طول حياته، وأفتي وألف التأليف القيمة، وولي القضاء بجبل طارق، ودخل غرناطة سفيراً. وحج فلقي الأفاضل من أهل العلم والصلاح، وفي وجهته هذه، اجتمع بابن عرفة في تونس، وأطلعه هذا على مختصره، فأبدى عليه ملاحظته السابقة الذكر، وكان بينه وبين الإمام العقباني التلمساني مناظرات جمعها العقباني في تأليف سماه «لباب اللباب في مناظرة القباب» وهي منقولة في المعيار. وللمترجم فتاوى مجموعة أول ما نقل في المعيار منها، وله أيضاً اختصار أحكام النظر لابن القطان، أسقط منه الدلائل والاحتجاج، وله شرح قواعد الإسلام لعياض في غاية الإتقان، وشرح بيوع ابن جماعة مفيد جداً، أخذ عن السطي وابن فرحون والقاضي الفشتالي وغيرهم؛ وأخذ عنه الإمام الشاطبي وابن الخطيب القسنطيني وجماعة. وكانت وفاته سنة ٧٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>