للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقامة الحجام

لابن الطيب العلمي

أخبرنا بعض الظرفاء، من ذوي المروءة والوفاء، من أعتمد على نقله وروايته، وأحكم بصحة عقله ودرايته، قال جلست يوماً ما مع جماعة من الأحباب، على شيء من الشراب، نتذاكر ما مر في أيام الشباب، وبيننا شاب حسن الصورة، عليه الملاحة مقصورة، واللطائف في شمائله محصورة، إلا أن شعر شاربه قد طال، واسترسل غاية الاسترسال، فسألناه عن سبب طوله، وعدم قص طويله، فقال أنا أخبركم بخبر يعجب لذكره الحاضرون، ويطرب لسماعه المنصتون والناظرون، كنت من شأني أتزخرف في المكاسب، وأتخير منها ما يناسب، فصليت يوماً صلاة الاستخارة فوجدت نفسي مائلة إلى التجارة، فقصدت مدينة سنجار، وفتحت بها حانوتاً بسوق التجار، ووضعت فيه من محاسن القماش، ما أستعين به على المعاش، وزينت الدكان، بحسب الإمكان، وكسوتها بالأستار على أربعة أركان، وعاملت أهل الأسواق، مكارم الأخلاق، واستعنت بالقربة، عن ليالي الغربة، فاتفق لي في بعض الأيام، ضرورة إلى دخول

<<  <  ج: ص:  >  >>