إلى لقائه الحافر والخف، رفع للعربية ببلده راية لا تتأخر، ومرج منها لجة تزخر، فانفسح مجال درسه، وأثمرت أدواح غرسه، فركض ما شاء، وبرح ودون وشرح، إلى شمائل يملك الظرف زمامها ودعابة راشت الحلاوة سهامها».
له كتب مهمة جداً منها شرح التسهيل لابن مالك، تنافس الناس فيه، وكتاب الغرة الطالعة في شعراء المائة السابعة، وكتاب إنشاد الضوال وإرشاد السؤال في لحن العامة، وهو مفيد، وكتاب قوت القيم ودون ترسيل أبي المطرف بن عميرة وضمه في سفرين. وله لطائف أدبية تأتي في محلها. وقد استشهد في حصار جبل طارق في ذي القعدة عام ٧٣٣ ورثي بقصائد منها قصيدة أبي بكر بن شبرين التي يقول فيها:
قد كان ما قال البريد ... فاصبر فحزنك لا يفيد
أودى أبن هانئ الرضى ... فاعتادني للثكل عيد
[أبو القاسم الشريف]
أبو القاسم محمد بن أحمد الشريف الحسني السبتي، القاضي الفاضل، نخبة الأدباء في وقته، كان متبحراً في العلوم الأدبية من تاريخ وأخبار ونحو وبيان وعروض، متقدماً في الفقه والأحكام، مع توقد الذهن وأصالة الإدراك. ولي الكتابة والخطابة والقضاء عن ملوك بني الأحمر في الأندلس، وطار صيته ونبه ذكره، وقد أخذ عن أبيه وعن ابن هانئ وابن رشيد وغيرهم، وعنه ابن الخطيب وسواه، وله تصانيف بارعة منها رفع الحجب المستورة عن محاسن المقصورة، وهو شرح المقصورة حازم، ورياضة الأبي وهو شرح على الخزرجية في العروض. وكان أول من فك ختامها بعد أن أعجزت نبهاء الوقت وشرح تسهيل ابن مالك وديوان شعر، وسنثبت طرفاً من أدبه في المنتخبات.
مولده بسبتة في ربيع الأول عام ٦٩٧ وتوفي قاضياً بغرناطة في شعبان عام ٧٦٠.