وحاز رياسة العلم بفاس والمغرب كله، فما بقي أحد ممن ينتمي إلى العلم بالمغرب إلا وله به صلة. وقد جمع مع ذلك الاجتهاد في العبادة والسخاء وحسن الخلق والمحبة العظيمة لآل البيت، والاعتناء بأمور الناس، وخصوصاً الضعفاء منهم، فتمالأت القلوب على محبته، واجتمعت الألسن على مدحه، وله تآليف عظم النفع بها، وتنافس الناس فيها. منها حاشية على البخاري في أربعة أجزاء وحاشية على الزرقاني كذلك، وشرح التحفة لابن عاصم، وشرح الزقاقية، وشرح الأربعين النووية، وشرح جامع الشيخ خليل وغير ذلك. توفي رحمه الله سنة ١٢٠٩ هـ.
[الطيب بن كيران]
أبو عبدالله الطيب بن عبد المجيد بن كيران الفاسي العلامة المعقولي النظّار المفسر الكبير، ولد سنة ١١٧٢ وأخذ عن الشيخ التاودي والمحشّي بناني وأضرابها، وعنه الفقيه ابن عبد الرحمن والكوهن وغيرهما. وقد تفرد في وقته بالجمع بين علمي المعقول والمنقول، والفروع والأصول، وله في العربية باع مديد ونظم سديد. وكان يدرس التفسير بالقرويين، يستحضر أقوال المفسرين جميعاً ويقابل بينها ويناقشها ويردّ الزائف منها بالدلائل القوية والحجج البينة. وكان يحضر مجلسه أعيان الطلبة والسلطان فمن دونه من رجال الدولة، وبالجملة فهو من أفذاذ العلماء الذين لا يجود الدهر بواحد منهم إلا في الفينة النادرة. وترجمته لا تقتضي الاختصار، فهذا الكلام لا يفي بأقل القليل من حقه، له تفسير جليل من سورة النساء إلى حم غافر، وكتب أخرى تنيف على العشرين محررة جد التحرير. وكانت وفاته سنة ١٢٢٧ هـ.
ابنُ بُونَه
هو العلامة النحوي الكبير، مفخرة شنجيط أبو عبد الله محمد المختار بن بونة الجكني الشنجيطي. كان ممن طلب العلم وهو كبير، بسبب أن امرأة ضرب