إماماً فيه مقدماً على غيره تضرب أكباد الإبل للأخذ عنه والسماع منه. وكان نسابة واعية، عارفاً بتشعّب الأنساب ومحل افتراقها واجتماعها حافظاً ثقة عدلاً ضابطاً شديد الاتباع للسنة، ظاهر الخشية والورع على قدم السلف الصالح. وليّ الفتوى على عهد أبي العباس المنصور والخطابة والإمامة بمسجد القرويين. وسعى الحسدة في تأخيره عن هذه الوظائف عند خليفة السلطان على فاس؛ فكتب السلطان من مراكش بتجديد عهد الولاية له قائلاً إننا لا نبدّله بمن هو مثله فضلاً عمن هو دونه.
وولي أيضاً نظارة أحباس الضعفاء والمساكين، وكان لا يولّاها إلا ذوو الدّين المتين من العلماء العارفين بقسمة الأرزاق العادلين فيها مثل يحيى السرّاج الذي كان ناظرها قبل القصار.
وبقي القصار حاملاً راية العلم بفاس والمغرب، ناهضاً بأعباء ما كلف به من الوظائف، حتى اخترمته المنية في رمضان? ? ? ? ؛ فانتقل إلى الدار الآخرة بعد أن جدد معالم الدين الدارسة، وأحيى مراسم العلم الطامسة. وطار له صيت عظيم في بلاد المشرق والمغرب، فحدّث الشيخ عبد الواحد بن عاشر أنه لقي بمصر في رحلته الحجازية الشيخ عبدالله الدنوشري فسأله عن أشياخه فذكر منهم القصّار فقال الدنوشري يمدحه:
قد حاك شقّات العلوم أيّمةٌ ... وكسوا بها بالفضل من هو عار
رقّت حواشيها وراق طرازها ... لكنّها تحتاج للقصّار
وقد ضاع بفقده علم كثير، لأنه لم يؤلف كتاباً قطّ، ولم يخلف بعده أثراً يذكر ما عدا فهرسته وإنظامه الكثيرة ومسوّداته التي بيعت وزناً بالأرطال.
[أحمد الفاسي]
هو أبو العباس أحمد بن يوسف الفهري الفاسي الحافظ الثقة، ولد سنة ٩٤١ بالقصر الكبير وطلب الحديث بفاس فبرز فيه حتى كان يحفظ أحاديث الصحيحين