للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من مالقة وإضافة مملكتهم إلى غرناطة. أما هو فولد بسبتة بلده، ولعل سلفه كانوا انتقلوا إليها بعد سقوط دولتهم. خرج الإدريسي سائحاً في شمال إفريقيا وأسيا الصغرى والأندلس، ثم استدعاه روجار الثاني ملك صقلية فقدم عنده ففرح به وأكرم نزوله. وفي صقلية ألف كتابه «نزهة المشتاق في معرفه الآفاق» وصنع كرة سماوية ودائرة أرضية كلاهما من الفضة واستعمل في ذلك ثلث الفضة التي أعطاها له الملك، ولما أتم العمل فيها زاده الملك مائة ألف درهم وشيئاً كثيراً من التحف. وألف أيضاً «روض الأنس ونزهة النفس» برسم غليوم الأول ولد روجار، وهو أطول من نزهة المشتاق. وذكر أبو الفداء هذا الكتاب ولكنه سماه كتاب الممالك، وله أيضاً كتاب «الأدوية المفردة» وذكره ابن سعيد، وانتفع منه ابن البيطار. وقد نقلت قطع من كتاب نزهة المشتاق إلى لغات أوربا. وتوفي الإدريسي حوالي ٥٦? رحمه الله.

[أبو الحسن المسفر]

هو الشيخ الحكيم أبو الحسن علي بن خليل المسفر السبتي، عرف بلقب المسفر الذي يعني أنه من أهل صناعة تفسير الكتب. وربما كان من آل المسفر الأشراف الحسينيين المعروفين بفاس. ذكره ابن عربي الحاتمي في كتاب «محاضرات الأبرار» وقال فيه: كان هذا الشيخ جليل القدر حكيماً، عارفاً غامضاً في الناس، محمود الذكر. رأيته بسبتة، له تصانيف، منها: منهاج العابدين الذي يعزي لأبي حامد الغزالي وليس له، وإنما هو من مصنفات هذا الشيخ، وكذلك كتاب النفخ والتسوية الذي يعزى إلى أبي حامد أيضاً وتسمية العامة «المضنون الصغير»، ولهذا الشيخ أيضاً القصيدة المشهورة: «قل لإخوان رأوني ميتاً. . .» وتأتي في المنتخبات. ولا شك أن هذا الشيخ كان من فلاسفة العصر النازعين إلى التصوف، سالكاً في ذلك مسلك أبي حامد الغزالي وكتبه المذكورة تدل على ذلك، إلا أنه لم يتحامل على الفلسفة والفلاسفة تحامل أبي حامد، وقد لقيه الشيخ محي الدين بن عربي وتذاكر معه وهو في سن الشيخوخة، فهو على ما يظهر لم يتجاوز المائة السادسة.

<<  <  ج: ص:  >  >>