للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الدولة الشريفة]

انتشر عقد الدولة السعدية وتقلص ظلها من المغرب، إثر اشتداد النزاع وشبوب الحرب بين أولاد المنصور الذهبي في طلب العرش والفوز بصولجان الملك. وكان قد أَمِرَ أمْرُ الدلائيين أهل الزاوية التي أسسها الشيخ أبو بكر الدلائي (١)؛ فاشتهرت بإيواء الطلبة ونشر العلم وإحياء رسوم الدين زيادة على بذل الطعام للصادر والوارد وإعانة المحتاجين وإغاثة الملهوفين؛ فاغتنم رئيسها في هذه الأثناء الشيخ محمد الحاج الدلائي حفيد الشيخ أبي بكر المذكور، فرصة ضعف نفوذ الدولة وشغلها عن حكم البلاد فلف لفه، وزحف إلى مكناس وفاس فتملكهما، ولم يلبث أن أسس الدولة الدلائية التي قاومها المولى محمد بن الشريف رأس الملوك العلويين. ولكنه لم ينل منها مالاً إذ حصل الصلح بينه وبين الرئيس الدلائي، على أن ما حاذى الصحراء إلى جبل بني عياش فهو للمولى محمد بن الشريف؛ وما دون تلك إلى ناحية الغرب فهو لأهل الدلاء.

ثم لما توفي المولى محمد بن الشريف وتولى أخوه مولاي رشيد لم يرض بهذه القسمة الجائرة، فتقدم واستولى على جل بلاد المغرب، ثم حارب الدلائيين فظهر عليهم وتتبعهم حتى كاد يفنيهم. وقصد زاويتهم فأوقع بها الواقعة الحاسمة، وشرد أهلها فصفا له ملك المغرب، ولم يبق له منازع فيه وذلك سنة ١٠٧٩.

ولما توفي تولى أخوه السلطان المظفر أبو النصر إسماعيل بن الشريف ثالث سلاطين هذه الدولة وأعظمهم شهرة وأجلهم قدراً، كان عاملاً لأخيه على بلاد المغرب، ومتوطناً بمدينة مكناس التي صارت عاصمته من بعده. فلما تمت مبايعة الناس له، نهض لتمهيد البلاد وإخضاع من كان خارجاً عن الطاعة من أهل السوس وقبائل


(١) لا يعرف بالضبط موقع هذه الزاوية الآن وإنما المحقق أنها كانت تقع بناحية، وادي أم الربيع قريباً من تادلة. ولعلنا لا نخطئ إذا عينا لها بلاد تامسنا المعروفة اليوم بالشاوية، ومن ثم شهر بعض الدلائيين بنسب المسناوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>