وكان أبو العباس الجراوي الشاعر حاضراً فقطع عليه قوله وقال يا سيدنا اهتدم بيت وضاح:
خير شراب ما كان عفواً. . . كأنه خطبة ارتجال
فبدر يعقوب المنصور وهو حينئذ وزير أبيه وسنه قريب العشرين وقال أن كان اهتدمه فقد استحقه، لنقله إياه من معنى خسيس إلى معنى شريف فسر أبوه بجوابه وعجب الحاضرون.
[من إكرام أبي العلاء الموحدي للعلماء]
قال ابن رشيد أخبرني شيخنا أبو بكر بن حبيش قال أخبرني سهل بن مالك قال: كان الطلبة يحضرون مجلس أبي العلاء فيتذاكرون بين يديه ويتكلم أمير المؤمنين فتكلم يوماً على السلم الذي هو من أقسام البيوع فسكن اللام قال سهل فأعدت السلم وقلت: قال الفقهاء في السلم، والسلم من حكمه كذا وكررته مرات معتنياً بفتحة اللام، فنظرت إليه يحدق إلى النظر كالمصغي لما أقول فلم يعدها إلى أن انقضى المجلس فلما وصلت منزلي أدركني بعض مالكه ومعه كسوة من ثيابه وصرة فيها خمسمائة دينار، وآخر بفرس مطهم فقال: مولانا يقرأ عليك السلام ويقول لك هذا من ثيابه ومن ركابه تصلي فيها وتدعو له وهذه برسم النفقة.