اخذوا بعض آرائهم ومزجوا بها مذهبهم. والشيعة كما لا يخفى يقولون بالاجتهاد ولا يدعون انقطاعه. . وهذا هو السبب الذي نفسر به انصراف الفقهاء المغاربة عن دعوة الموحدين إلى الاجتهاد، حيث أنها كانت مشوبة ما لا يقبلونه من تعاليم شيعية تقدمت الإشارة إليها.
***
[العلوم الأدبية]
هذا ملخص الخبر عن حركة العلوم الدينية في هذا العصر، ونقول الآن كلمتنا في العلوم الأدبية متوخين الإيجاز ما أمكن. ولا بد من النص أولاً على أن المراد بالعلوم الأدبية ما يشمل النحو واللغة والعروض والبيان والتاريخ والسير. وقد رأينا بعض ما كان لهذه العلوم من الرواج في العصر السابق على قدر ما تعطيه المصادر الضغينة بمثل هذه المعلومات. أما في هذا العصر فقد اتسعت دائرة انتشارها وتخلفت لدينا بعض الآثار التي تدل على أن هناك نهضة حقيقية كانت تتدرج بهذه العلوم في مدارج التطور والتقدم، تماماً كما وقع في العلوم الدينية وغيرها. ففي خصوص علم النحو ظهر النحاة الذين كان لهم مقام كبير، وألفوا الكتب التي ما تزال تعرف بعلو قدرهم وتنبئ عن رسوخ قدمهم في هذا العلم، كأبي موسى الجزولي صاحب الكراسة الشهيرة في النحو، وتسمى أيضاً المقدمة الجزولية، وبعضهم يسميها القانون والاعتماد. وكابن معط صاحب الألفية النحوية التي عمل ابن مالك ألفيته على مثالها، بل إن التفوق في هذا العلم أدى إلى وجود مدارس نحوية هنا وهناك، تفردت بآراء خاصة في بعض مسائل الإعراب وغيره. فهذه مدرسة فاس التي سيختلف أهلها مع مدرسة تلمسان في مسألة صرف أبي هريرة. وهذه مدرسة سبتة التي تخالف الجمهور في ضم النكرة المقصودة إذا نونت اضطراراً. وهذه مدرسة طنجة التي توجه أسئلة نحوية إلى مدرسة إشبيلية. وأخيراً هذه مدرسة المغرب بعامة التي لا تسمي لولا شرطاً ولا لو إلا إذا كانت بمعنى إن، أي حين تكون مجردة من الامتناع؛ وذلك في الغايات نحو قوله عليه السلام - احفظوا عني ولو آية. أشار له العلامة ابن غازي. . وإن عبر هذا عن شيء فإنما يعبر عن الدراسات القيمة التي كان المغاربة يقومون عليها ويوجهون جهودهم إليها في هذا العام. ومثل النحو